في التسخير في الأعمال، ولم نر من ذكر هذا في هذه القصة في سائر مواضعها في القرآن.
ويمكن أن يقال: المراد باستعباده نساءهم: تذليلهن، أي: تصييرهن أذلاء ضعفاء لعدم الرجال الذين يقومون عليهن بالخدمة والنفقة. فليتأمل انتهى. بحروفه.
{إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ} أي: في كل شيء، فليس ببدع منهم أن قتلوا ألوفا لأجله، ثم أخذوه يربونه؛ ليكبر، ويفعل بهم ما كانوا يحذرون، أو كانوا مذنبين، فعاقبهم الله تعالى بأن ربى عدوهم على أيديهم. هذا؛ واللام بقوله:{لِيَكُونَ} تسمى لام العاقبة، ولام الصيرورة؛ لأنهم أخذوه؛ ليكون لهم قرة عين، فكان عاقبة ذلك أن كان لهم عدوا، وحزنا، فذكر الحال بالمآل، كما قال الشاعر:[البسيط] وللمنايا تربّي كلّ مرضعة... ودورنا لخراب الدّهر نبنيها
وقال آخر:[الطويل] فللموت تغذوا الوالدات سخالها... كما لخراب الدّور تبنى المساكن
وقال عبد الله بن الزّبعرى:[المتقارب] فإن يكن الموت أفناهم... فللموت ما تلد الوالده
وهذا قول الكوفيين، وقد أنكر البصريون، ومن تابعهم لام العاقبة. قال الزمخشري:
والتحقيق: أنها لام العلة، وأن التعليل فيها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة، وبيانه أنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدوا وحزنا، بل المحبة والتبني، غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له، وثمرته؛ شبه بالداعي الذي يفعل الفعل لأجله، فاللام مستعارة لما يشبه التعليل، كما استعير الأسد لمن يشبه بالأسد. انتهى. مغني اللبيب.
هذا؛ وينبغي أن تدرك معي: أن كل مخلوق ذي روح حبس عنه الهواء بضع دقائق يموت بلا شك، فكيف بقي هذا المخلوق الصغير الضعيف حيا داخل صندوق محكم الإغلاق؟! إن هي إلا معجزة رب الأرض، والسماء الذي حفظ له روحه دون إزهاق ساعات، وساعات مضت بين إلقائه في النيل، والتقاطه منه، وما أشبه هذه المعجزة بمعجزة يونس-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-الذي التقمه الحوت، وجاب به أعماق البحار، وبقي حيا أيضا حتى نبذه إلى شاطئ البحر بأمر الله الواحد القهار.
الإعراب:{فَالْتَقَطَهُ:} الفاء: حرف عطف. (التقطه): فعل ماض، والهاء مفعول به.
{آلُ:} فاعل، و {آلُ} مضاف، و {فِرْعَوْنَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة، والجملة الفعلية معطوفة على جمل مقدرة قبلها، كما يلي: فأرضعته، فوضعته في تابوت، وألقته في نهر النيل، فالتقطه... إلخ.