للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا:} قيل: لما سمع موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-ذلك كره أن يذهب معها، ولكن كان جائعا، فلم يجد بدّا من الذهاب معها، فمشت المرأة، ومشى خلفها، فكانت الريح تضرب ثوبها، فتصف ردفها، فكره أن يرى ذلك منها، فقال لها: امشي خلفي، ودليني على الطريق؛ إذا أخطأت، ففعلت ذلك، فلما دخل موسى على شعيب إذا هو بالعشاء مهيأ، فقال: اجلس يا فتى فتعش! فقال: أعوذ بالله، قال شعيب: ولم ذاك؟ ألست جائعا؟ قال: بلى، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لابنتيك، وإنا أهل بيت لا نطلب على عمل من أعمال الآخرة عوضا من الدنيا. فقال له شعيب: لا والله يا فتى! ولكنها عادتي، وعادة آبائي نقري الضيف، ونطعم الطعام. فجلس، وأكل. انتهى. خازن. وقال القرطبي: كان بين موسى وبين أبيها ثلاثة أميال. فلما جاءه، وقصّ عليه القصص؛ أي: أخبره بأمره أجمع: من خبر ولادته، وتربيته في بلاط فرعون، وقتله القبطي، وقصد فرعون قتله. {قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ} أي: من فرعون، وقومه، وإنما قال ذلك؛ لأنه لم يكن لفرعون سلطان على مدين.

يقول بعض المفسرين: إن موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة وألف سلام-أسمع المرأتين قوله: {رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} تعريضا حتى يكون له منهما ما يقوته، وهو ليس معه درهم ولا متاع ولا دينار، ولا ما يؤكل، فكانت دعوته كدعوة المظلوم سريعة الإجابة، ومن جهة أخرى: فإن غرس الجميل قد أثمر، وآتى أكله في أقل من ساعة، والله يضاعف الحسنات لعباده المخلصين.

موسى رجل ربّي على العزة في بيت فرعون، مدللا في نعيم دائم، ورفاهة، وقد نزل به من الجوع ما اضطره إلى أن يرضى أن يأخذ أجر عمل من أعمال المروءة، والجوع يرضي الأسود بالجيف، وأحسبه لو كان في بلهنية من العيش؛ لم يرض أن يأخذ أجرا على زكاة قوته. انتهى.

عبد الوهاب النجار، وهذا كلام لا وجه له.

الإعراب: {فَجاءَتْهُ:} الفاء: حرف استئناف. (جاءته): فعل ماض، والهاء مفعول به.

{إِحْداهُما:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية، وجملة: {فَجاءَتْهُ..}. إلخ معطوفة على الكلام المقدر الذي رأيته في الشرح، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {تَمْشِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل تقديره: «هي»، يعود إلى إحداهما، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {إِحْداهُما}. والرابط: الضمير فقط. {عَلَى اسْتِحْياءٍ:} متعلقان بمحذوف حال من فاعل: {تَمْشِي} فهي حال متداخلة. {قالَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل يعود إلى: {إِحْداهُما}. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {أَبِي:}

<<  <  ج: ص:  >  >>