خلفي، ودليني على الطريق؛ حتى لا تصف الريح بدنك. هذا؛ وورود الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أن أمانته، وقوته أمران متحققان. وقولها:{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} كلام جامع؛ لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان: الكفاية والأمانة في القائم بأمرك؛ فقد فرغ بالك، وتم مرادك. وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: أفرس الناس ثلاثة: بنت شعيب، وصاحب يوسف في قوله:{عَسى أَنْ يَنْفَعَنا} وأبو بكر في عمر، رضي الله عن الاثنين. هذا؛ وقد جعل الله {خَيْرَ} اسما ل: {إِنَّ} و {الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} خبران لها، وهما أعرف منه، والسبب في ذلك: هو شدة الاهتمام والعناية بما جعل اسما، ومنه قول أبي الشغب العبسي في خالد بن عبد الله القسري الذي أسره يوسف بن عمر، وسجنه:[الطويل]
ألا إنّ خير النّاس حيّا وميّتا... أسير ثقيف عندهم في السّلاسل
{يا أَبَتِ:} من المعروف: أن في الاسم المضاف لياء المتكلم إذا كان صحيح الآخر ومنادى ستّ لغات: أحدها: حذف الياء، والاستغناء عنها بالكسرة مثل: يا عبد، وهذا هو الأكثر. الثاني: إثبات الياء ساكنة، نحو: يا عبدي، وهو دون الأول في الكثرة. الثالث: قلب الياء ألفا، وحذفها، والاستغناء عنها بالفتحة، نحو يا عبد. الرابع: قلبها ألفا وبقاؤها، وقلب الكسرة فتحة، نحو: يا عبدا. الخامس: إثبات الياء محركة بالفتحة، نحو: يا عبدي. قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته:[الرجز]
واجعل منادى صحّ إن يضف ليا... كعبد عبدي عبد عبدا عبديا
السادس: ضم الاسم بعد حذفها كالمفرد، اكتفاء بنية الإضافة، وإنما يكون ذلك فيما يكثر نداؤه مضافا للياء كالرب، والأبوين، والقوم، قرئ قوله تعالى:{قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ..}.
إلخ بضم الباء، وحكي: يا ربّ اغفر لي. هذا؛ ويضاف إلى ذلك: إذا كان المنادى المضاف إلى الياء أبا، أو أمّا أربع لغات: إحداها: إبدال الياء تاء مكسورة، وبها قرأ السبعة ما عدا ابن عامر في قوله تعالى:{يا أَبَتِ} من سورة (يوسف) وسورة (مريم). الثانية: إبدالها تاء مفتوحة، وبها قرأ عامر ما تقدم. الثالثة:(يا أبتا) بالتاء والألف، وبها قرئ ما تقدم شاذا. وقال رؤبة بن العجاج:[الرجز]
تقول بنتي قد أنى أناكا... يا أبتا علّك أو عساكا
الرابعة: يا أبتي. وعليه قول الشاعر:[الطويل]
أيا أبتي لا زلت فينا فإنّما... لنا أمل في العيش ما دمت عائشا
قال ابن هشام في قطر الندى: وهاتان اللغتان قبيحتان، والأخيرة أقبح من التي قبلها، وينبغي ألاّ تجوز إلا في ضرورة الشعر، وقال الخضري في حاشيته على ابن عقيل: ضرورة لكن الأولى