للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى. والمراد بالجناح: اليد؛ لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضد يده اليسرى، فقد ضم جناحه إليه.

أو أريد بضم جناحه إليه: تجلده وضبط نفسه عند انقلاب العصا حية؛ حتى لا يضطرب، ولا يرهب استعارة من فعل الطائر؛ لأنه إذا خاف؛ نشر جناحيه، وأرخاهما، وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران. انتهى. نسفي. هذا؛ وضم الجناح كناية عن السكون، والرفق، ومنه قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} وكذلك قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: ارفق بهم.

طرفة: يحكى عن عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-: أن كاتبا كان يكتب بين يديه، فانفلتت منه فلتة ريح فخجل، وانكسر، فقام، وضرب بقلمه الأرض، فقال له عمر-رحمه الله تعالى-: خذ قلمك واضمم إليك جناحك، وليفرخ روعك، فإني ما سمعتها من أحد أكثر ممّا سمعتها من نفسي. هذا؛ ومعنى: وليفرخ روعك: وليذهب روعك، وأفرخ الروع: انكشف وذهب.

هذا ويقرأ {الرَّهْبِ} بفتحتين، وبضمتين وبضم فسكون، والمعنى واحد. {فَذانِكَ بُرْهانانِ:}

حجتان واضحتان، والمراد بهما: العصا، واليد. هذا؛ وقال الزمخشري: فإن قلت: لم سميت الحجة برهانا؟ قلت: لبياضها، وإنارتها، من قولهم للمرأة البيضاء: برهرهة بتكرير العين واللام معا. انتهى. ومثله تسميتهم الحجة سلطانا من السليط، وهو الزيت؛ لإنارتها، وقرئ بتشديد نون (ذانك) والتخفيف أفصح، وانظر شرح بقية الآية في سورة (النمل) رقم [١٢] وإنما ذكّر اسم الإشارة مع أن المشار إليه اليد، والعصا، وهما مؤنثان؛ لأن المبتدأ عين الخبر في المعنى، والبرهان مذكر.

الإعراب: {أَسْئَلَكَ:} فعل أمر معطوف بواو محذوفة على قوله: {أَلْقِ} بدليل قوله {وَأَدْخِلْ} في الآية رقم [١٢] من سورة (النمل)، وفاعله مستتر، تقديره: «أنت». {يَدَكَ:} مفعول به، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {فِي جَيْبِكَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة. {تَخْرُجْ:} فعل مضارع مجزوم لوقوعه في جواب الأمر، والفاعل يعود إلى:

{يَدَكَ}. {بَيْضاءَ:} حال من الفاعل المستتر. {مِنْ غَيْرِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال أخرى من الفاعل المستتر، أو من الضمير المستتر في: {بَيْضاءَ،} أو بمحذوف صفة:

{بَيْضاءَ،} و {غَيْرِ} مضاف، و {سُوءٍ} مضاف إليه، وجملة: {تَخْرُجْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جواب شرط مقدر قبل {أَسْئَلَكَ،} ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية. {وَاضْمُمْ:} الواو:

حرف عطف. (اضمم): معطوف على ما قبله، وفاعله مستتر فيه تقديره: «أنت». {إِلَيْكَ:}

جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

هذا؛ وقال ابن هشام في مغنيه: في تعليق الجار والمجرور في هذه الآية، وفي قوله تعالى:

{فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} الآية رقم [٢٦٠] من سورة (البقرة)، وفي قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ..}. إلخ الآية رقم [٢٥] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام. وهذا كله يتخرج إما على

<<  <  ج: ص:  >  >>