للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أهل التفسير: لما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصرح؛ جمع هامان العمال، والفعلة، حتى اجتمع عنده خمسون ألف بناء، سوى الأتباع، والأجراء، وطبخ الآجر، والجص، ونجر الخشب، وضرب المسامير، وأمر بالبناء، فبنوه، ورفعوه، وشيدوه، حتى ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد من الخلق، وأراد الله أن يفتنهم فيه، فلما فرغوا منه؛ ارتقى فرعون فوقه، وأخذ نشابة، ورمى بها نحو السماء، فردت إليه، وهي ملطخة بالدم، فقال: قد قتلت إله موسى، فعند مقالته هذه بعث الله جبريل فضرب الصرح بجناحه، فقطعه ثلاث قطع، فوقعت منه قطعة على عسكر فرعون، فقتلت منهم ألف ألف رجل، ووقعت قطعة منه في البحر، وقطعة في المغرب، فلم يبق أحد عمل شيئا فيه إلا هلك.

{لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى} أي: أصعد. ظن الخبيث: أن الله تعالى في مكان؛ أي في السموات، كما هو في مكان؛ أي: في الأرض. {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ} أي: موسى.. {مِنَ الْكاذِبِينَ:} في دعواه: أن له إلها، وأنه أرسله إلينا رسولا. وقد ناقض نفسه اللّعين، فإنه قال:

ما علمت لكم من إله غيري، ثم أظهر حاجته إلى هامان اللّعين أيضا، وأثبت: أن لموسى إلها، وأخبر: أنه غير متيقن بكذبه، وكأنه خاف من عصا موسى، فلبّس، وقال: لعلي أطلع إلى إله موسى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَقالَ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (قال): فعل ماض.

{فِرْعَوْنُ:} فاعله، (يا): أداة نداء، تقوم مقام: أدعو، أو: أنادي. (أيها): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب‍: (يا)، و (ها): حرف تنبيه لا محل له، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه. {الْمَلَأُ:} بعضهم يعرب هذا؛ وأمثاله نعتا، وبعضهم يعربه بدلا، والقول الفصل: أن الاسم الواقع بعد «أي» أو بعد اسم الإشارة، إن كان مشتقا فهو نعت، وإن كان جامدا كما هنا، فهو بدل أو عطف بيان، والمتبوع؛ أعني: (أي) منصوب محلا، فكذا التابع، أعني: {الْمَلَأُ} وأمثاله، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الإتباع اللفظية. {ما:} نافية. {عَلِمْتُ:} فعل، وفاعل. {لَكُمْ:}

جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {إِلهٍ،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا. {مِنْ:} حرف جر صلة. {إِلهٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، واكتفى بمفعول واحد؛ لأنه من المعرفة، لا من العلم. {غَيْرِي:} صفة: {إِلهٍ} على اللفظ، فهو مجرور، أو على المحل، فهو منصوب، والكسرة أو الفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة. {فَأَوْقِدْ:} الفاء:

هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر. (أوقد): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت».

<<  <  ج: ص:  >  >>