للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكريم، الناطق بالحق، والصدق. {قالُوا} أي: كفار قريش. {لَوْلا:} هلا. {أُوتِيَ:} أعطي من المعجزات. {مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى} أي: من المعجزات، مثل: العصا، واليد، وإنزال القرآن دفعة واحدة، كما أنزلت التوراة على موسى، فجاءوا بالاقتراحات المبنية على التعنت، والعناد، كما قالوا: {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} وما أشبه ذلك.

{أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ} أي: أبناء جنسهم، ومن مذهبهم مذهبهم، وعنادهم عنادهم، وهم الكفرة في زمن موسى من قبل محمد ونزول القرآن عليه. قيل: إن يهود المدينة أرسلوا إلى قريش أن يسألوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم مثل ما أوتي موسى من المعجزات، فقال الله تعالى: أو لم يكفر اليهود بما أوتي موسى، وأول كفرهم قولهم: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، وثاني كفرهم اتخاذهم العجل إلها، وثالث، ورابع... إلخ، ومن كفرهم قتلهم زكريا، ويحيى، وغيرهما من الأنبياء.

{قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا} أي: تعاونا وقوّى بعضهما بعضا. قال الكلبي: بعثت قريش إلى اليهود يسألونهم عن بعث محمد، وشأنه، فقالوا: إنا نجده في التوراة بنعته، وصفته كذا، وكذا، فلما رجع الجواب إليهم، وتحققوا الصفات التي اقترحها اليهود موجودة في النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ {قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا}. هذا؛ وقرئ: «(ساحران تظاهرا)» فيكون المراد: محمدا، وموسى عليهما الصلاة والسّلام. وقيل: هو من قول اليهود، فيكون المراد: موسى، وهارون. وقيل: بل المراد عيسى، ومحمد عليهما الصلاة والسّلام. وهذا قول اليهود إلى اليوم وإلى يوم القيامة، وبه قال قتادة. {وَقالُوا إِنّا بِكُلٍّ كافِرُونَ} أي: بالتوراة، والقرآن، أو بمحمد، وموسى، فيكون من قول كفار قريش، أو بموسى وهارون، أو بعيسى، ومحمد، عليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام، فيكون من قول اليهود اللؤماء على نحو ما قبله. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {فَلَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [١٤]. {جاءَهُمُ:} فعل ماض، والهاء مفعول به. {الْحَقُّ:} فاعل، والجملة الفعلية لا محل لها على اعتبار (لما) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا. {مِنْ عِنْدِنا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من: {الْحَقُّ}. {قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {لَوْلا:} حرف تحضيض. {أُوتِيَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل مستتر، تقديره: «هو»، يعود إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم وهو المفعول الأول. {مِثْلَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {فَلَمّا:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل جر بالإضافة.

{أُوتِيَ:} فعل ماض مبني للمجهول، والمفعول الثاني محذوف. {مُوسى:} نائب فاعل، وهو المفعول الأول، والجملة الفعلية صلة {فَلَمّا} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير:

لولا أوتي محمد مثل الذي، أو: شيء أوتيه موسى، وهذا الكلام في محل نصب مقول القول.

وجملة: {قالُوا..}. إلخ جواب (لمّا)، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له.

<<  <  ج: ص:  >  >>