فَضْلِهِ أي: في النهار بطلب المعاش، وأنواع المكاسب، فهو من باب اللف، والنشر.
{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:} ولكي تعرفوا نعمة الله في ذلك، فتشكروه عليها. هذا؛ وقد قال الله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [١٢]: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ} انظر شرحها هناك، وانظر الترجي في الآية رقم [٤٣].
هذا؛ وقد قال الخازن: إن من نعمة الله تعالى على الخلق أن جعل الليل، والنهار يتعاقبان؛ لأن المرء في حال الدنيا، وفي حال التكليف مدفوع إلى التعب، ليحصل ما يحتاج إليه، ولا يتم له ذلك لولا ضوء النهار، ولأجله يحصل الاجتماع، فتمكن المعاملات. ومعلوم: أن ذلك لا يتم إلا بالراحة، والسكون بالليل، فلا بد منهما، فأما في الجنة؛ فلا تعب، ولا نصب، فلا حاجة بهم إلى الليل، ولذلك يدوم لهم الضياء أبدا، فيبين الله تعالى: أنه القادر على ذلك؛ ليس غيره، فقال:{وَمِنْ رَحْمَتِهِ..}. إلخ.
وقال الزمخشري: زاوج بين الليل، والنهار لأغراض ثلاثة: لتسكنوا في أحدهما، وهو الليل، ولتبتغوا من فضل الله في الآخرة، وهو النهار، ولإرادة شكركم. وقد سلكت بهذه الآية طريقة اللف، والنشر في تكرير التوبيخ باتخاذ الشركاء إيذانا بأن لا شيء أجلب لغضب الله من الإشراك به! كما لا شيء أدخل في مرضاته من توحيده! اللهم فكما أدخلتنا في أهل توحيدك؛ فأدخلنا في الناجين من وعيدك. انتهى. آمين يا رب.
الإعراب:{وَمِنْ:} الواو: حرف استئناف. {(مِنْ رَحْمَتِهِ)}: جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما. وقيل: متعلقان بمحذوف خبر مقدم، و {جَعَلَ} مؤول بمصدر بتقدير: «أن» مبتدأ مؤخر، ولا وجه له قطعا؛ لأن تأويل الفعل بمصدر إنما هو في المضارع، لا الماضي، وبحثه معلوم. انظر الآية رقم [٢٤] من سورة (الروم) والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
{جَعَلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله) تقديره: «هو». {لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان به أيضا. {اللَّيْلَ:} مفعول به. (النهار): معطوف على {اللَّيْلَ}. {لِتَسْكُنُوا:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {جَعَلَ} أيضا. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.
{وَلِتَبْتَغُوا:} معطوف على ما قبله، وإعرابه مثله بلا فارق. {وَلَعَلَّكُمْ:} الواو: حرف عطف.
(لعلكم): حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها، وجملة:{تَشْكُرُونَ} مع المفعول المحذوف في محل رفع خبرها، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها من تعليل. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.