للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يودّ الفتى طول السّلامة والبقا... فكيف يرى طول السلامة يفعل؟

يودّ الفتى بعد اعتدال وصحّة... ينوء إذا رام القيام ويحمل

هذا؛ وفي قوله تعالى: {لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ} قلب؛ إذ المعنى: لتنوأ العصبة بها، أي: تنهض بها متثاقلة. هذا؛ والقلب باب واسع من أبواب النحو، ويوجد في القرآن كثير، كما رأيته في مواضعه. ومن شواهده الشعرية الشواهد رقم [١١٨٧] إلى [١١٩٤] من كتابنا فتح القريب المجيب، وخذ واحدا منها، وهو للقطامي: [الوافر] فلمّا أن جرى سمن عليها... كما طيّنت بالفدن السّياعا

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان يحمل مفاتيح خزائنه أربعون رجلا أقوى ما يكون من الرجال. وقيل: كان قارون يحمل معه مفاتيح كنوزه معه أينما ذهب، وكانت من حديد، فلما كثرت، وثقلت؛ جعلها من خشب، فثقلت فجعلها من جلود البقر، كل مفتاح على قدر الإصبع، وكانت تحمل معه إذا ركب على أربعين بغلا.

هذا؛ والعصبة، ومثلها العصابة: من الرجال ما بين العشرة إلى الأربعين، وهو قول السدي، وقتادة، وقال تعالى في قصة أولاد يعقوب، وكانوا عشرة: {إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} ثم قالوا: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}. هذا؛ والعصبة، والعصابة: الجماعة من الناس، والخيل، والطير، واعصوصبوا: اجتمعوا، والعصبة لا واحد لها من لفظها، مثل:

نفر، ورهط، ومعشر، وانظر شرح (أولو) في الآية رقم [٣٣] من سورة (النمل).

{إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ} أي: المؤمنون من بني إسرائيل. قاله السدي. وقال يحيى بن سلام: القوم هنا: موسى، وقاله الفراء أيضا، وعليه فهو جمع، أريد به واحد، كقوله تعالى:

{الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ} وإنما هو نعيم بن مسعود، كما رأيت في الآية رقم [١٧٣] من سورة (آل عمران) والمراد بالفرح: البطر، وهو مذموم؛ لأنه نتيجة حب الدنيا، والرضا بها، والذهول عن ذهابها، فإن الواقع بأن ما فيها من اللذة زائل لا محالة، يوجب الهم، والغم، والحزن الطويل، كما قال أبو الطيب المتنبي: [الوافر] أشدّ الغمّ عندي في سرور... تيقّن عنه صاحبه انتقالا

{إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أي: بزخارف الدنيا، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم، ويبطرون به على خلقه، قال الشاعر: [الطويل] ولست بمفراح إذا الدّهر سرّني... ولا ضارع من صرفه المتقلّب

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {قارُونَ:} اسمها. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى {قارُونَ}. {مِنْ قَوْمِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (كان). و {قَوْمِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>