الأرض، أو الهبوط في مهاويها، والتحصين في السماء، أو القلاع، والجبال الذاهبة، كما قال تعالى:{أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}. وقيل: المعنى: ولو كنتم في السماء لا تعجزون الله، ولا تهربون من قضائه، وحكمه، فهو كقوله تعالى:{يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا}. وقيل: التقدير: ولا من في السماء. قال حسان بن ثابت-رضي الله عنه-في هجاء أبي سفيان، وقريش:[الوافر] أمن يهجو رسول الله منكم... ويمدحه وينصره سواء؟!
فإن المعنى: ومن يمدحه. {وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ:} من غيره، وسواه. {مِنْ وَلِيٍّ:}
يتولى أموركم، ويمنعكم من عذابه. {وَلا نَصِيرٍ:} ينصركم من عذاب الله تعالى. هذا؛ والولي:
هو الذي يتولى شئون غيره، والنصير: المعين، والمساعد. والفرق بينهما: أن الولي قد يضعف عن النصرة، والمعاونة، والنصير قد يكون أجنبيا من المنصور، فبينهما عموم، وخصوص من وجه. هذا، وقال تعالى هنا:{فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ} واقتصر في سورة (الشورى) رقم [٣١] على {الْأَرْضِ؛} لأن ما هنا خطاب لقوم فيهم النمرود، الذي حاول الصعود إلى السماء. وقد حذفا معا للاختصار في الآية رقم [٥١] من سورة (الزمر).
فائدة: والولي لله: العارف بالله تعالى على حسب ما يمكن، المواظب على الطاعات، المعرض عن الانهماك في اللذات، والشهوات. ووجهان: أحدهما: أنه فعيل بمعنى مفعول، كقتيل بمعنى مقتول، وجريح بمعنى مجروح، فعلى هذا هو من يتولى الله رعايته، وحفظه، فلا يكله إلى غيره، ونفسه لحظة، كما قال تعالى:{وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ}. والوجه الثاني: أنه فعيل مبالغة من فاعل، كرحيم، وعليم بمعنى: راحم، وعالم، فعلى هذا هو من يتولى عبادة الله تعالى، من غير أن يتخللها عصيان، أو فتور. وكلا المعنيين شرط في الولاية، فمن شرط الولي أن يكون محفوظا، كما أن من شرط النبي أن يكون معصوما، فكل من كان للشرع عليه اعتراض؛ فليس بولي، بل هو مغرور، مخادع. ذكره الإمام أبو القاسم القشيري وغيره من أئمة الطريقة رحمهم الله تعالى. انتهى.
من شرح ألفاظ الزبد للشيخ أحمد بن حجازي الفشني، رحمه الله تعالى. هذا؛ وربنا يقول في الحديث القدسي:«من عادى لي وليا؛ فقد آذنته بالحرب».
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف، أو: واو الحال. وقيل: عاطفة. (ما): نافية حجازية تعمل عمل «ليس»{أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع اسمها.
{بِمُعْجِزِينَ:} الباء: حرف جر صلة. (معجزين): خبر (ما)، مجرور لفظا، منصوب محلا. وإن اعتبرت (ما) مهملة؛ فالضمير يكون مبتدأ، والباء زائدة في خبره، والجملة الاسمية على الاعتبارين مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط:
الواو، والضمير. هذا؛ وفاعل (معجزين) ضمير مستتر فيه، ومفعوله محذوف؛ إذ التقدير: وما