للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ ولما كان الذراع موضع قوة الإنسان، وقدرته، وشهرته، قيل في الأمر الذي لا طاقة للإنسان به: ضاق بالأمر ذراع فلان، وذرعه، وضاق بالأمر ذرعا، وذراعا: عجز عن احتماله. قال هدبة بن خشرم، رحمه الله تعالى، وهو الشاهد رقم [٥٦٣] من كتابنا: فتح القريب المجيب: [الطويل] إن العقل في أموالنا لا نضق بها... ذراعا وإن صبرا فنصبر للصّبر

وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه، والاحتيال فيه، قال عمر بن أبي ربيعه المخزومي: [الخفيف] من رسولي إلى الثّريّا بأني... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب؟

وأصله أن يذرع البعير بيديه في سيره على قدر سعة خطوه، فإذا حمل على أكثر من طوقه؛ ضاق عن ذلك، وضعف، ومد عنقه. فضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع. هذا؛ والذراع من الإنسان من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى. وهي مؤنثة، وجمعها: أذرع لا غير، قاله سيبويه، وذرع الثوب: قاسه بذراعه، وذرعه القيء: غلبه. هذا؛ وضاق الأمر، وتضايق وتضيّق به، أو عليه: ضد اتسع. والضيق: ما ضاق عنه الصدر من حزن، أو هم. قال الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ} وهو بفتح الضاد، وبكسرها ما يكون في الذي يتسع، ويضيق، مثل الدار، والثوب ونحوهما.

{وَقالُوا} أي: الملائكة لما رأوا فيه أثر الضجر، والقلق والانزعاج من أجلهم. كيف لا؛ وقد قال لقومه، وهم يسمعون قوله متأسفا متحسرا: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ؛} أي: لبطشت بكم. {لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ:} ولا تغتم لأجلنا، فإنهم لن يصلوا إلينا بسوء. {إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} أي: إنا مهلكوهم، ومنجوك، وأهلك ولم يكن له أهل، ولا عشيرة فيهم سوى ابنتيه؛ لأنه لم يكن منهم في نسب، ولا قرابة، كما بينته لك في سورة (الأعراف) وغيرها، {إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ} أي: من الباقين في العذاب مع قومها. وانظر سبب ذلك، وشرحه في الآية رقم [٥٧] من سورة (النمل).

الإعراب: {وَلَمّا:} الواو: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [٣١]. {أَنْ:} حرف صلة كما رأيت في الشرح. {جاءَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له.

{رُسُلُنا:} فاعله، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {لُوطاً:} مفعول به، وجملة:

{جاءَتْ..}. إلخ: لا محل لها على اعتبار (لما) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لما) إليها على اعتبارها ظرفا. {سِيءَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر، تقديره:

«هو» يعود إلى (لوط) وقيل: هو ضمير المصدر، وليس بشيء. {بِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية: {سِيءَ بِهِمْ} جواب: (لما) لا محل لها، و (لما) ومدخولها

<<  <  ج: ص:  >  >>