للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكبر: ثمود، بن غابر، بن سام، بن نوح، وهو أخو جديس بن غابر. وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز، والشام إلى وادي القرى وما حوله. قال أبو عمرو بن العلاء: سميت ثمود لقلة مائها، والثمد: الماء القليل. والأول هو المعتمد، ونبي قوم عاد هو هود، ونبي قوم ثمود هو صالح. على نبينا، وحبيبنا، وعليهما ألف صلاة، وألف سلام. وقد مضى القول على هذين الرسولين وقومهما مفصلا في سورة (الأعراف) وفي سورة (هود) وغيرهما.

{وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ} أي: تبين لكم بعض مساكنهم، أو تبين لكم إهلاكهم من جهة مساكنهم إذا نظرتم إليها عند مروركم بها، وكان أهل مكة يمرون عليها في أسفارهم إلى الشام، واليمن لأجل التجارة، فيبصرون ديار أولئك الأقوام الهالكين. {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ:} انظر الآية رقم [٤] و [٢٤] من سورة (النمل) ففيها الكفاية.

{وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} أي: فكانوا متمكنين من النظر، والاستبصار، ولكنهم لم يفعلوا، وكانوا معجبين بدينهم، وضلالتهم، يحسبون أنهم على هدى؛ وهم على باطل، وضلالة. أو المعنى:

كانوا متبينين: أن العذاب لاحق بهم بإخبار الرسل لهم، ولكنهم لجوا في العصيان حتى هلكوا، فلم تغن عنهم عقولهم شيئا؛ لأنهم لم ينتفعوا بها؛ حيث لم تهدهم إلى مرضاة الله تعالى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَعاداً:} الواو: حرف عطف، (عادا): قال الكسائي-رحمه الله تعالى-: قال بعضهم: هو راجع إلى أول السورة؛ أي: ولقد فتنا الذين من قبلهم، وفتنا عادا، وثمود. قال:

وأحب إليّ أن يكون معطوفا على: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ؛} أي: وأخذت عادا، وثمود. وزعم الزجاج: أن التقدير: وأهلكنا عادا، وثمود. وقيل: المعنى: واذكر عادا إذ أرسلنا إليهم هودا، فكذبوه، فأهلكناهم. انتهى. قرطبي. أقول: وقول الزجاج أولى بالاعتبار، وهو أولى لعطف جملة على جملة قريبة في المعنى. {وَثَمُودَ:} معطوف على: (عادا). {وَقَدْ:} الواو: واو الحال. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {تَبَيَّنَ:} فعل ماض، والفاعل محذوف، تقديره: ذلك؛ يعني ما وصفه الله من إهلاكهم. وقيل: التقدير: تبين لكم بعض مساكنهم، أو تبين لكم إهلاكهم من جهة مساكنهم، والأول أولى بالاعتبار. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنْ مَساكِنِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و {مِنْ} لابتداء الغاية؛ أي: من جهة مساكنهم إذا نظرتم إليها عند مروركم بها. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وجملة: {وَقَدْ تَبَيَّنَ..}. إلخ في محل نصب حال من: {(عاداً وَثَمُودَ)}.

{وَزَيَّنَ:} الواو: حرف عطف. (زين): فعل ماض. {لَهُمُ:} جار ومجرور متعلقان به.

{الشَّيْطانُ:} فاعله. {أَعْمالَهُمْ:} مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال مثلها، والرابط في الأولى:

<<  <  ج: ص:  >  >>