وفي البخاري عن حميد بن عبد الرحمن سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار، فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب. {وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ:} مطيعون له خاصة. وفيه تعريض باتخاذهم أحبارهم، ورهبانهم أربابا من دون الله.
هذا وفحوى الآية قريب من قوله تعالى في سورة (البقرة): {قُولُوا آمَنّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا..}.
إلخ رقم [١٣٦]. وقوله تعالى في سورة آل عمران: {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً..}. إلخ رقم [٦٤] والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
الإعراب: {وَلا:} الواو: حرف استئناف. (لا): ناهية جازمة. {تُجادِلُوا:} فعل مضارع مجزوم ب: (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {أَهْلَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْكِتابِ} مضاف إليه. {إِلاّ:} حرف حصر. {بِالَّتِي:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال مستثنى من عموم الأحوال؛ إذ المعنى:
ولا تجادلوا أهل الكتاب في حال من الأحوال إلا في حال مجادلتكم إياهم بالتي... إلخ.
{هِيَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {أَحْسَنُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية صلة الموصول، لا محل لها. {إِلاّ:} أداة استثناء. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب على الاستثناء من {أَهْلَ الْكِتابِ،} أو في محل نصب بدل منه.
{ظَلَمُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، وجملة: {ظَلَمُوا مِنْهُمْ} صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: (لا تجادلوا...) إلخ مستأنفة لا محل لها.
{وَقُولُوا:} الواو: حرف عطف. (قولوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {آمَنّا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول.
{بِالَّذِي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والموصول مبني على السكون في محل جر.
{أُنْزِلَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل مستتر تقديره هو يعود إلى الذي، وهو العائد. {إِلَيْنا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: {أُنْزِلَ إِلَيْنا} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. هذا؛ وقال الكوفيون، والأخفش وتبعهم ابن مالك: إنّ اسما موصولا محذوفا هنا معطوفا على ما قبله، التقدير:
والذي أنزل إليكم. ومثل الآية قول حسان بن ثابت رضي الله عنه: [الوافر] أمن يهجو رسول الله منكم... ويمدحه وينصره سواء؟
التقدير: ومن يمدحه، وهذا هو الشاهد رقم [١٠٥٨] من كتابنا فتح القريب المجيب، ولولا هذا التقدير لفسد المعنى فسادا شنيعا؛ إذ يصير المادح هو الهاجي، وهو لا يصح، ومثله قول الآخر، وهو الشاهد التالي له من كتابنا المذكور: [الخفيف]