للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد هذا؛ فقد قال سليمان الجمل-رحمه الله تعالى-نقلا عن الرازي: بين الله ما يكون للمؤمنين وقت الرجوع إليه، كما بين في الآية السابقة ما يكون للكافرين بقوله: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ} فبين: أن للمؤمنين الجنات في مقابلة: أن للكافرين النيران. وبين: أن فيها غرفا تجري تحتها الأنهار في مقابلة أن تحت الكافرين النار، وبين: أن ذلك أجر عملهم بقوله:

{نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ} في مقابلة ما تقدم للكفار بقوله: {ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ،} ولم يذكر ما فوق المؤمنين؛ لأن المؤمنين في أعلى عليين، فلم يذكر فوقهم شيئا إشارة إلى علو مرتبتهم، وارتفاع منزلتهم، ولم يجعل الماء من تحت أقدامهم، بل جعله من تحت غرفهم؛ لأن الماء يكون ملتذّا به في أي جهة كان، وعلى أي بعد كان إذا كان تحت الغرفة؟. انتهى.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف استئناف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {آمَنُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: {وَعَمِلُوا..}. إلخ معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {الصّالِحاتِ:} صفة لموصوف محذوف، التقدير: عملوا الأعمال الصالحات، فهو منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ:} اللام: واقعة في جواب قسم محذوف.

(نبوئنهم): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، التي هي حرف لا محل له، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: «نحن»، أو جوازا تقديره: «هو»، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. {مِنَ الْجَنَّةِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {غُرَفاً} كان نعتا له، فلما قدم عليه صار حالا، على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». {غُرَفاً:} مفعول به ثان على قراءة الفعل بالنون، والباء؛ لأن «بوأ» ينصب مفعولين، قال تعالى: {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ} وأما على قراءة الفعل بالنون والثاء ففيه أوجه: أحدها أنه مفعول ثان بتضمين: «نثوي» ننزل، فيتعدى لاثنين بسبب التضمين، وإما على تشبيه الظرف المختص بالمبهم، فيكون ظرف مكان متعلقا بالفعل قبله، أو هو منصوب بنزع الخافض اتساعا، أي في غرف، وجملة: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً} جواب القسم المحذوف، والقسم المحذوف وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ. هذا؛ وأجيز اعتبار (الذين) منصوبا بفعل مضمر على الاشتغال، أي: ونبوئ الذين آمنوا... إلخ، ولا أراه قويا. هذا؛ ووقوع الجملة القسمية خبرا للمبتدإ قاله ابن مالك، ومنعه ثعلب، ومثل الآية قوله تعالى في سورة (النساء): {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ..}. إلخ، والآية رقم [٧ و ٩] من هذه السورة، ومثل ذلك كله قول الشاعر، وهو الشاهد رقم [٧٥٦] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الكامل] جشأت، فقلت: اللّذ خشيت ليأتين... وإذا أتاك فلات حين مناص

<<  <  ج: ص:  >  >>