بكسر الحاء، والسين وفتحهما. وفي الحديث «يخرج من النار رجل ذهب حبره، وسبره».
فالمفتوح مصدر، والمكسور اسم.
روي: أن في الجنة أشجارا عليها أجراس من فضة، فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله ريحا من تحت العرش، فتقع في تلك الأشجار، فتحرك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا؛ لماتوا طربا.
وقال الأوزاعي: ليس أحد من خلق الله أحسن صوتا من إسرافيل، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سماوات صلاتهم، وتسبيحهم. زاد غير الأوزاعي: ولم تبق شجرة في الجنة إلا وردّدت، ولم يبق ستر، ولا باب إلا أرتج، وانفتح، ولم تبق حلقة إلا طنّت بألوان طنينها، ولم تبق أجمة من آجام الذهب إلى وقع أهبوب الصوت في مقاصبها، فزمرت تلك المقاصب بفنون الزمر، ولم تبق جارية من جواري الحور العين إلا غنت بأغانيها، والطير بألحانها.
ويوحي الله إلى الملائكة أن جاوبوهم، وأسمعوا عبادي الذين نزهوا أسماعهم من مزامير الشيطان! فيجاوبون بألحان، وأصوات روحانيين، فتختلط هذه الأصوات، فتصير رجة واحدة، ثم يقول الله عز وجل: «يا داود قم عند ساق عرشي فمجدني، فيندفع داود بتمجيد ربه بصوت يغمر الأصوات، ويجليها، وتتضاعف اللذة»، فذلك قوله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} ذكره الترمذي الحكيم رحمه الله. انتهى. قرطبي، ثم قال-رحمه الله تعالى-: وهذا كله من النعيم والسرور والإكرام، فلا تعارض بين الأقوال، وأين هذا من قوله الحق: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} على ما يأتي، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر». انتهى.
الإعراب: {فَأَمَّا:} الفاء: حرف استئناف، وتفريع. (أما): أداة شرط، وتفصيل، وتوكيد.
أما كونها أداة شرط؛ فلأنها قائمة مقام الشرط، وفعله؛ بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل:
مهما يك من شيء؛ فالذين آمنوا... إلخ، فأنيبت (أما) مناب مهما، ويك من شيء. فصار:
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ..}. إلخ.
وأما كونها أداة تفصيل؛ فلأنها في الغالب مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله، ويعلم ذلك من تتبع مواقعها.
وأما كونها أداة توكيد؛ فلأنها تحقق الجواب، وتفيد: أنه واقع لا محالة؛ لأنها علقته على أمر متيقن. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {آمَنُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {الصّالِحاتِ:}
مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {فَهُمْ:}