للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميت القلب بالكفر، خذ قول ربك: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ} الآية رقم [١٢٢] من سورة (الأنعام) انظر شرحها، وتفسيرها هناك. {وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} أي: يبسها وجدبها؛ إذ موتها حين تكون يابسة لا نبات فيها شبيهة بالميت، وإحياؤها يكون بنزول المطر عليها، وقد قال تعالى في سورة (الحج) رقم [٥]: {وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} انظر تفسيرها، وشرحها هناك.

{وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ} أي: ومثل ذلك الإخراج تخرجون من قبوركم. والمعنى: أن بدء خلق الإنسان، وإعادته بعد موته متساويان في قدرة من هو قادر على إخراج الميت من الحي، وعكسه. روى ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قرأ: {فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ..}. إلخ إلى الثلاث، وآخر سورة (الصافات) دبر كلّ صلاة، كتاب له من الحسنات عدد نجوم السماء، وقطر الأمطار، وورق الأشجار، وتراب الأرض، فإذا مات أجري له بكلّ حرف عشر حسنات في قبره».

هذا؛ و {الْمَيِّتِ} والميتة بفتح الميم، وسكون الياء فيهما، وهو من فارقت روحه جسده، وجمعهما: أموات، وميتات، وأما المشدد، فهو الحي الذي سيموت، وعليه قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وجمعه: موتى قال بعض الأدباء في الفرق بينهما: [الطويل] أيا سائلي تفسير ميت وميّت... فدونك قد فسّرت ما عنه تسأل

فمن كان ذا روح فذلك ميّت... وما الميت إلاّ من إلى القبر يحمل

هذا هو الأصل الغالب في الاستعمال، وقد يتعاوضان، كما في قول عدي بن الرّعلاء الغساني: [الخفيف] ليس من مات، فاستراح بميت... إنّما الميت ميّت الأحياء

إنّما الميت من يعيش كئيبا... كاسفا باله قليل الرّجاء

أقول: ومن هذا ما في هذه الآية، والآية رقم [٩٥] من سورة (الأنعام)، والآية رقم [٢٧] من سورة (آل عمران) حيث استعمل المشدد في الآيات الثلاث لفاقد الحياة، والروح، كما هو واضح، ولا تنس: أن أصل ميّت المشدد: ميوت؛ لأنه من: مات، يموت، فقل في إعلاله: اجتمعت الياء، والواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وقل مثله في إعلال سيّد وهيّن وصيّب ونحو ذلك، وأضيف: أنه قرئ في الآيات الثلاث بتشديد ياء الميت وتخفيفها.

الإعراب: {يُخْرِجُ:} فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى الله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، أو من الضمير المجرور محلا باللام، والرابط: الضمير فقط، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها. {الْحَيَّ:} مفعول به. {مِنَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>