هذا؛ وأما النفس، فإنها تجمع في القلة: أنفس، وفي الكثرة: نفوس، والنفس تؤنث باعتبار الروح، وتذكر باعتبار الشخص؛ أي: فإنها تطلق على الذات أيضا، سواء أكان ذكرا؛ أم أنثى، فعلى الأول قيل: إنها جسم لطيف مشتبك بالجسم اشتباك الماء بالعود الأخضر الرطب، فتكون سارية في جميع البدن.
قال الجنيد-رحمه الله تعالى-: الروح: شيء استأثر الله بعلمه، ولم يطلع عليه أحدا من خلقه، فلا يجوز البحث عنه بأكثر من أنه موجود، قال تعالى في سورة (الإسراء): {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} وقال بعضهم: إن هناك لطيفة ربانية، لا يعلمها إلا الله تعالى فمن حيث تفكرها تسمى: عقلا، ومن حيث حياة الجسد بها تسمى:
روحا، ومن حيث شهوتها تسمى: نفسا، فالثلاثة متحدة بالذات، مختلفة بالاعتبار، وهذا ما تدل عليه الآثار الصحاح، انظر رقم [٤٢] من سورة (الزمر).
هذا؛ وقد ذكر القرآن الكريم: أن للنفس خمس مراتب: الأمارة بالسوء، واللوامة، والمطمئنة، والراضية، والمرضيّة، ويزاد: الملهمة، والكاملة، فالأمارة بالسوء هي التي تأمر صاحبها بالسوء، ولا تأمر بالخير إلا نادرا، وهي مقهورة، ومحكومة للشهوات. وإن سكنت لأداء الواجبات الإلهية، وأذعنت لاتباع الحق؛ لكن بقي فيها ميل للشهوات؛ سميت لوامة. وإن زال هذا الميل، وقويت على معارضة الشهوات، وزاد ميلها، إلى عالم القدس، وتلقت الإلهامات؛ سميت ملهمة. فإن سكن اضطرابها، ولم يبق للنفس، الشهوانية حكم أصلا؛ سميت مطمئنة. فإن ترقت من هذا، وأسقطت المقامات من عينها، وفنيت عن جميع مراداتها؛ سميت راضية. فإن زاد هذا الحال عليها؛ صارت مرضية عند الحق، وعند الخلق، فإن أمرت بالرجوع إلى العباد لإرشادهم، وتكميلهم؛ سميت كاملة، فالنفس سبع طبقات، ولها سبع درجات، كما ذكرت، وقدمت.
وأخيرا خذ ما ذكره القرطبي-رحمه الله تعالى-: وفي الخبر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «ما تقولون في صاحب لكم، إن أكرمتموه، وأطعمتموه، وكسوتموه؛ أفضى بكم إلى شرّ غاية. وإن أهنتموه، وأعريتموه، وأجعتموه؛ أفضى بكم إلى خير غاية؟». قالوا: يا رسول الله! هذا شرّ صاحب! قال: «فو الّذي نفسي بيده، إنّها لنفوسكم التي بين جنوبكم!».
الإعراب:{ضَرَبَ:} فعل ماض، والفاعل مستتر تقديره:«هو»، يعود إلى (الله). {لَكُمْ:}
جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: في محل مفعول ثان تقدم على الأول. {مَثَلاً:}
مفعول به. {مِنْ أَنْفُسِكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {مَثَلاً،} والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وجملة:{ضَرَبَ لَكُمْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {هَلْ:} حرف استفهام توبيخي إنكاري. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مِنْ:} حرف جر. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل جر ب:{مِنْ،} والجار