{قَضى} في الآية رقم [١١٧]. هذا؛ ومناسك: جمع منسك بفتح السين، وكسرها، وهو مصدر ميمي، أو اسم مكان، والأول أرجح، وانظر الآية رقم [١٢٨]. {فَاذْكُرُوا اللهَ} بالتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والتقديس، والتعظيم. {كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ:} اختلف في معناه، فقال عطاء: هو كما يلهج الصّبيّ بذكر أبيه، وأمّه، فكذلك أنتم الهجوا بذكر الله بعد قضاء النّسك. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم، فيقول الرجل منهم: كان أبي يطعم، ويحمل الحمالات، ويتحمّل الدّيات، ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم، فأنزل الله على محمّد صلّى الله عليه وسلّم الآية. وقول آخر لابن عباس: هو أن تغضب لله تعالى؛ إذا عصي أشدّ من غضبك لوالديك إذا شتما. و {أَوْ:} للتخيير، والإباحة.
{فَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا..}. إلخ قال ابن عبّاس-رضي الله عنهما-: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللهم اجعله عام غيث، وعام خصب، وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا، فأنزل الله فيهم الآية. انتهى. والسبب في ذلك: أنّهم كانوا لا يعرفون الآخرة، ولا يؤمنون بها، فنهوا عن ذلك الدّعاء المخصوص بأمر الدنيا، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم، ويجوز أن يتناول هذا الوعيد المؤمن إذا قصر دعواته في الدنيا، على هذا. {وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} أي: كخلاق الذي يسأل الآخرة. والخلاق: الحظ، والنصيب.
الإعراب:{فَإِذا:} الفاء: حرف استئناف. (إذا): انظر الآية السابقة. {قَضَيْتُمْ:} فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح.
{مَناسِكَكُمْ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة، وهناك مضاف محذوف، انظر تقديره في الشّرح. {فَاذْكُرُوا:} الفاء: واقعة في جواب (إذا). (اذكروا): فعل أمر، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {اللهَ:} منصوب على التعظيم. {كَذِكْرِكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، التقدير: اذكروا الله ذكرا مشابها لذكر آبائكم، أو هما متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، التقدير: اذكروا الله مشبهين لكم حين ذكركم آباءكم، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {آباءَكُمْ:} مفعول به للمصدر، والكاف في محل جر بالإضافة، والميم في الجميع حرف دال على جماعة الذكور. {أَوْ:}
حرف عطف. {أَشَدَّ:} معطوف على (ذكر) المجرور، فهو مجرور مثله، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للصفة، ووزن أفعل، أو هو معطوف على الكاف المضاف إليه، وذلك على اللفظ، فهو مجرور أيضا، أو هو معطوف على:{آباءَكُمْ} فهو منصوب، أو هو منصوب بمضمر دل عليه المعنى؛ تقديره: أو كونوا أشدّ. انتهى. بيضاوي،