أو بسبب أنه خالق الليل والنهار، ومصرفهما، فلا يخفى عليه ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير، والشر. هذا؛ و {يُولِجُ} من: أولج الرباعي، أصله: يؤولج حذفت الهمزة منه حملا على المبدوء بالهمزة: أؤولج للتخفيف، ومصدره: الإيلاج، وأما الثلاثي فهو: ولج، يلج، وأصله: يولج، حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها، وهما: الياء، والكسرة، مثل: وعد، يعد، ووزن، يزن، ومصدره: الولوج. والمراد بإيلاج الليل في النهار، وبالعكس بأن يزيد كل منهما بما نقص من الآخر، كما هو ظاهر في طول الليل، وقصره، تبعا لفصول السنة، قال تعالى:
{يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ} رقم [٤٤] من سورة (النور).
وقيل: المراد بالإيلاج: أنه سبحانه وتعالى يجعل ظلمة الليل مكان ضياء النهار، وذلك بغيبوبة الشمس، ويجعل ضياء النهار مكان ظلمة الليل بطلوع الشمس. {وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ:} لا يخفى عليه شيء مما يقع في الليل، والنهار. كما لا يخفى عليه شيء من أعمالكم كانت صغيرة، أو كبيرة. هذا؛ والمراد بالأجل المسمى: يوم القيامة؛ لأن جريان الشمس، والقمر لا ينقطع إلا حينئذ، ودل أيضا بالليل، والنهار، وتعاقبهما، وزيادتهما، ونقصانهما، وجري النيرين في فلكيهما-كلّ ذلك على تقدير وحساب-وبإحاطته بجميع أعمال الخلق على عظم قدرته، وحكمته.
فإن قلت:{يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} و {يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} أهو من تعاقب الحرفين؟ قلت:
كلا ولا يسلك هذه الطريقة إلا بليد الطبع، ضيق العطن، ولكنّ المعنيين أعني: الانتهاء والاختصاص كل منهما ملائم لصحة الغرض؛ لأن قولك: يجري إلى أجل مسمى معناه: يبلغه، وينتهي إليه، وقولك: يجري لأجل مسمى تريد: يجري لإدراك أجل مسمى، تجعل الجري مختصا بإدراك أجل مسمّى، ألا ترى أن جري الشمس مختص بآخر السنة، وجري القمر مختصّ بآخر الشهر، فكلا المعنيين غير ناب به موضعه. انتهى. كشاف.
هذا؛ وتعاطف الجمل مع اختلافها بالمضارعية، والماضوية لا غبار عليه هنا؛ لأن ما تتحدث عنه هذه الجمل واقع في الماضي، وفي الحال، وفي المستقبل؛ بل هو مستمر حتى نهاية الدنيا، لا ينكره إلا مكابر. وقيل: عبر ب: {يُولِجُ} لأن إيلاج أحد الملوين في الآخر متجدد كل حين، فعبر عنه بالمضارع المتجدد حينا بعد حين، وأما تسخير النيرين؛ فهو أمر ثابت لا يتجدد، فعبر عنه بالماضي المفيد ذلك. هذا؛ ويطلق على الليل، والنهار اسم الجديدين.
قالت الخنساء، رضي الله عنها:[البسيط] إنّ الجديدين في طول اختلافهما... لا يفسدان ولكن يفسد الناس
الإعراب:{أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام وتقرير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم.
{تَرَ:} فعل مضارع مجزوم ب: (لم)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف