للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: والله لو صار عاملا سنتين؛ لصارت القبيلة هلكى، فلا يكون لهم عند التفرق في الحرب جمالان، فيختل أمر الغزوات.

{فِي سِتَّةِ أَيّامٍ:} في ستة أوقات، أو في مقدار ستة أيام، فإن اليوم المتعارف زمان طلوع الشمس إلى غروبها لم يكن حينئذ، وفي خلق الأشياء مدرّجا مع القدرة على خلقها دفعة، دليل للاختيار، واعتبار للنظار، وحث على التأني في الأمور. هذا؛ وما ذكر من أن الله ابتدأ الخلق يوم الأحد، وفرغ منه يوم الجمعة عصرا، فخلق الأرض في يومين: الأحد، والاثنين، وما بينهما في يومين: الثلاثاء، والأربعاء، والسموات في يومين: الخميس، والجمعة، كل ذلك لم يثبت وإن أسنده القرطبي في سورة (غافر) إلى عبد الله بن سلام، رضي الله عنه. قاتل الله اليهود، فإنهم يقولون: استراح ربنا يوم السبت، فلذا اختاروه للراحة، والعبادة.

{ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} أي: استولى، ولا يجوز تفسيره باستقر، وثبت، فيكون الله من صفات الحوادث، وهذا التأويل ينبغي أن يقال في كل ما يوهم وصفا لا يليق به تعالى، والمنقول عن جعفر الصادق، والحسن، وأبي حنيفة، ومالك-رضي الله عنهم أجمعين-: أن الاستواء معلوم، والتكييف فيه مجهول، والإيمان به واجب، والجحود له كفر، والسؤال عنه بدعة. وهو مثل قول الإمام علي كرم الله وجهه: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة؛ لأنّ الله تعالى كان، ولا مكان، فهو على ما كان قبل خلق المكان، لم يتغيّر عمّا كان». وهذا مذهب الخلف، والسلف يقولون: استوى استواء يليق به.

{الْعَرْشِ:} قال الراغب في كتابه: «مفردات القرآن»: وعرش الله عز وجل مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم، لا بالحقيقة، وليس هو كما تذهب إليه أوهام العامة، فإنه لو كان كذلك؛ لكان حاملا له، تعالى الله عن ذلك. انتهى. وقد قال سليمان الجمل: وأما المراد به هنا: فهو الجسم النوراني، المرتفع على كل الأجسام المحيط بكلها. وانظر ما ذكرته في آية الكرسي رقم [٢٥٥] من سورة (البقرة): والصحيح: أن العرش غير الكرسي.

{ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ:} ما لكم إذا جاوزتم رضا الله أحد ينصركم، ويشفع لكم. أو: ما لكم سواه ولي، ولا شفيع؛ بل هو الذي يتولى مصالحكم، وينصركم في مواطن نصركم، على أن الشفيع متجوز به للناصر، فإذا خذلكم لم يبق لكم ولي، ولا ناصر، انتهى.

بيضاوي.

{أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ:} تتعظون بمواعظ الله، وتتفكرون في صنعه، وقدرته، وما ذرأ، أو برأ في هذا الكون المترامي الأطراف.

الإعراب: {اللهُ:} مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره، والجملة الاسمية مستأنفة. {خَلَقَ:} فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى:

<<  <  ج: ص:  >  >>