يدبر أحوال الخلق، وأحوال السموات والأرض، فلا يحدث حدث في العالم العلوي، ولا في العالم السفلي إلا بإرادته، وتدبيره، وقضائه، وحكمته، وقد قيل: إن العرش موضع التدبير، كما أن ما دون العرش موضع التفصيل، قال الله تعالى في سورة (الرعد) الآية رقم [٢]: {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ} وما دون السموات موضع التصريف، قال تعالى:{وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا} وما ذكر من التدبير، والتفصيل، والتصريف إنما هو في مدة الدنيا، وهي سبعة آلاف سنة كما ورد من عدة طرق، والنبي صلّى الله عليه وسلّم بعث في الألف السادس، ودلت الآثار على: أن مدة أمته صلّى الله عليه وسلّم، تزيد على ألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة. انتهى. جمل نقلا من كتاب للسيوطي، سماه: الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف.
أقول: ومدة الدنيا على ما ذكر إنما هي بالنسبة لخلق آدم عليه الصلاة والسّلام، وأما بالنسبة لخلق الدنيا قبل آدم فلا يعلم ذلك إلا الله، وتذكر الاكتشافات الحديثة عن موجودات حية من آلاف السنين؛ بل من ملايين السنين، وقد ذكرت لك في سورة (الحجر) أنه ذكر قبل خلق آدم، أوادم.
وذكرت لك في سورة (الرعد) رقم [٢] معنى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ:} يقضيه ويقدره وحده، لا يشركه في تدبير خلقه أحد. أو المعنى أنه سبحانه وتعالى يدبر أحوال الخلق، وأحوال ملكوت السموات والأرض، فلا يحدث حدث في العالم العلوي، ولا في العالم السفلي إلا بإرادته، وتدبيره، وقضائه، وحكمته.
{ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ:} اختلف في فاعل يعرج: قال يحيى بن سلام: هو جبريل يصعد إلى السماء بعد نزوله بالوحي. وقال النقاش: هو الملك الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض. وقيل:
إنها أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع حملتها من الملائكة؛ قاله ابن شجرة. وعلى هذه الأقوال فالضمير يعود إلى الملك، ولم يجر له ذكر؛ لأنه مفهوم من المعنى. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٦] من سورة (لقمان) كما اختلف في الضمير بقوله: {إِلَيْهِ} فقيل: يعود إلى السماء على لغة من يذكّرها، أو على مكان الملك الذي يرجع إليه، أو على اسم الله تعالى، والمراد: إلى الموضع الذي أقره فيه، وإذا رجع إلى الله؛ فقد رجع إلى السماء؛ أي: إلى سدرة المنتهى، فإنه إليها يرتفع ما يصعد به من الأرض، ومنها ينزل ما يهبط به إليها؛ ثبت معنى ذلك في صحيح مسلم. انتهى. قرطبي.
{فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ} أي: مما تحسبون من أيام الدنيا، وهذا اليوم عبارة عن زمان يتقدر بألف سنة من سني العالم، وليس بيوم يستوعب نهارا بين ليلتين؛ لأن ذلك ليس عند الله، والعرب تعبر عن مدة العمر باليوم.