النوم، ويحتمل عن وقت الاضطجاع، ولكنه مجاز. والحقيقة أولى، ومنه قول عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه-: [الطويل] أتانا رسول الله يتلو كتابه... كما لاح مشهور من الصّبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا... به موقنات أنّ ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه... إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً:} داعين الله خوفا من سخطه، وطمعا في رحمته. {وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ:} المال في وجوه الخير. قيل: المراد: الزكاة المفروضة. وقيل: التطوع زيادة على الزكاة المفروضة، وهذا القول أمدح.
هذا؛ وفي الصلاة التي تتجافى جنوبهم عن المضاجع لأجلها أربعة أقوال: أحدها: التنفل بالليل، قاله الجمهور من المفسرين، وعليه أكثر الناس، وهو الذي فيه المدح. الثاني: أن المراد به صلاة العشاء. الثالث: أن المراد التنفل ما بين المغرب، والعشاء. الرابع: أن المراد صلاة العشاء، والصبح في جماعة. والأول أقوى الأربعة، وها أنا ذا أذكر أحاديث شريفة ترغب في الأربعة:
أولا: بالنسبة للتنفل في الليل انظر ما ذكرته في الآية رقم [٧٨ و ٧٩] من سورة (الإسراء)، وما ذكرته في الآية رقم [٦٤] من سورة (الفرقان) وخذ ما يلي:
فعن أسماء بنت يزيد-رضي الله عنها-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة؛ جاء مناد، فنادى بصوت تسمعه الخلائق كلّهم: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى الناس بالكرم، ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع، فيقومون؛ وهم قليل. ثمّ ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أولى الناس بالكرم، ليقم الّذين لا تلهيهم تجارة، ولا بيع عن ذكر الله، فيقومون. ثمّ ينادي الثالثة: ستعلمون اليوم من أولى الناس بالكرم، ليقم الحامدون لله على كل حال في السرّاء، والضرّاء، فيقومون؛ وهم قليل. فيسرّحون جميعا إلى الجنة، ثمّ يحاسب سائر الناس».
وعن سلمان الفارسي-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عليكم بقيام اللّيل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيّئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد». رواه الطبراني. وفي رواية أخرى قريبة منها، رواها الترمذي عن أبي أمامة الباهلي، رضي الله عنه.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رحم الله رجلا قام من الليل، فصلّى، وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء. ورحم الله امرأة قامت من الليل،