للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرثه، ويعقل عني، وأعقل عنه، وكان هذا على عادة الجاهلية، فرضي بذلك أبوه، وعمه، وقرّا عينا، وانصرفا. وكان أبوه لما سبي يدور الشام، ويقول: [الطويل] بكيت على زيد ولم أدر ما فعل... أحيّ فيرجى أم أتى دونه الأجل؟

فو الله لا أدري وإني لسائل... أغالك بعدي السهل أم غالك الجبل؟

فيا ليت شعري هل لك الدّهر، أوبة؟ ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل

تذكّرنيه الشمس عند طلوعها... وتعرض ذكراه إذا غربها أفل

وإن هبّت الأرياح هيّجن ذكره... فيا طول ما حزني عليه وما وجل

سأعمل نصّ العيس في الأرض جاهدا... ولا أسأم التطواف، أو تسأم الإبل

حياتي، أو تأتي عليّ منيتي... فكلّ امرئ فان وإن غرّه الأمل

وسيأتي من ذكره، وفضله، وشرفه في الآية [٣٦] ما يسرك، ويثلج صدرك. هذا؛ و {أَدْعِياءَكُمْ} جمع: دعي، وهو الولد المتبنّى من أبناء الغير، قال في اللسان: والداعي:

المنسوب إلى غير أبيه، قال الشاعر المسلم يفتخر بإسلامه: [الوافر] دعيّ القوم ينصر مدّعيه... ليلحقه بذي النّسب الصّميم

أبي الإسلام لا أب لي سواه... إذا افتخروا بقيس، أو تميم

هذا؛ وقد ادعى معاوية بن أبي سفيان زياد بن سمية أخا له، وألحقه بأبيه، قال بعض الشعراء يهجوه: [الوافر] ألا أبلغ معاوية بن حرب... مغلغلة عن الرّجل اليمان

أتغضب أن يقال: أبوك عفّ... وترضى أن يقال: أبوك زان

هذا؛ والخليع في الجاهلية كان بالعكس، وهو الذي خلعه أهله، وطردوه، وتبرءوا منه لخبثه، فكان الرجل يأتي بابنه في الموسم، ويقول: ألا إني قد خلعت ابني هذا، فإن جر جريرة، أي جنى جناية لم أضمن، وإن جرّ عليه، أي جني عليه لم أطلب، فلا يؤخذ بجرائره.

قال امرؤ القيس في معلقته: [الطويل] وواد كجوف العير قفر قطعته... به الذّئب يعوي كالخليع المعيّل

{ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ} أي: إن قولكم للزوجة: هي أم، وللدعي: هو ابن قول تقولونه بأفواهكم، لا حقيقة له؛ إذ الابن لا يكون إلا بالولادة، وكذا الأم لا تكون إلا بالولادة أيضا،

<<  <  ج: ص:  >  >>