الأجانب، ولا يقال لبناتهن: هن أخوات المؤمنين، ولا لأخواتهن، وإخوانهن هن خالات المؤمنين، وهم أخوالهم. وهن أمهات المؤمنين بما ذكرت من وجوب التعظيم، ويجب على نساء المؤمنين إجلالهن وتعظيمهن أيضا، ولكن لا يقال: أمهات المؤمنات بدليل ما روي عن مسروق: أن امرأة قالت لعائشة: يا أمّه، فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم، فبان بذلك أن معنى الأمومة إنما هو تحريم نكاحهن تعظيما لمقام النبوة، وتشريفا لصاحب الرسالة صلّى الله عليه وسلّم.
وانظر الآية رقم [٢٨] الآتية، وما بعدها. هذا؛ وهو تشبيه بليغ، ووجه الشبه متعدد، وهو ما ذكرته مفصلا.
{وَأُولُوا الْأَرْحامِ} أي: ذوو القرابات. {بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ} أي: في الميراث، وكانوا يتوارثون بالهجرة، والتآخي فيما بينهم، فكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد آخى بين المهاجرين والأنصار، فقد جعل مع كل أنصاري مهاجر، فكان الأنصاري يعطف على أخيه المهاجري عطف الأب على ابنه، والأخ على أخيه، وإذا مات أحدهما؛ ورثه الآخر دون عصبته، حتى نزلت الآية:{وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ}. وهذه الجملة مذكورة بحروفها في الآية الأخيرة من سورة (الأنفال). وقيل في معنى الآية: لا توارث بين المسلم، والكافر، ولا بين المهاجر، وغير المهاجر، وقد ذكرت ذلك في الآية رقم [٧٢] من سورة (الأنفال) وجملة القول: إن هذه الآية ناسخة للتوارث بالأخوة الإسلامية، والهجرة، وصار التوارث بآيات النساء المبينة ذلك، وقد استدل بهذه الآية على توريث ذوي الأرحام، وهو مذهب أبي حنيفة-رحمه الله تعالى-.
والمراد ب:{كِتابِ اللهِ:} اللوح المحفوظ. وقيل: المراد: القرآن الكريم. وقيل:
المراد: حكم الله، وقضاؤه. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ} أي: الذين آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما بينهم، فنسخت هذه الآية الموارثة بالمؤاخاة، والهجرة، وصارت الموارثة بينهم بالقرابة. {إِلاّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ:} يريد الإحسان في الحياة، والوصية عند الموت، وذلك: أن الله تعالى لما نسخ التوارث بالحلف، والإخاء، والهجرة؛ أباح أن يوصي لمن يتولاه بما أحب من ثلث ماله. وقيل: معناه: إلا أن توصوا إلى قرابتكم بشيء، وإن كانوا من غير أهل الإيمان، والهجرة.
{كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ} أي: في اللوح المحفوظ، أو في القرآن. وقيل: في التوراة.
والمراد بالإشارة ما ذكر في الآيتين. {مَسْطُوراً:} مكتوبا مثبتا. هذا؛ ومعنى:(أولو) أصحاب، ولا واحد له من لفظه، وإنما واحده:«ذو» المضاف إن كان مرفوعا، و «ذا» المضاف إن كان منصوبا، و «ذي» المضاف إن كان مجرورا.