«إنّ فيك جاهلية!» قال: جاهلية كفر، أو إسلام؟ قال:«جاهلية كفر». ولا تنس الجاهلية السائدة في هذه الأيام بين المسلمين.
{وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ:} خصهما الله بالذكر، والأمر، ثم عمم بجميع الطاعات تفضيلا لهما، وتنويها بعلو شأنهما، ولأن من واظب عليهما؛ جرتاه إلى كل خير، كيف لا وقد قال تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ}. وقال جل ذكره لنبيه صلّى الله عليه وسلّم:{خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها}. وانظر الآية رقم [٤] من سورة (لقمان) تجد ما يسرك. {وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ:} قرن الله طاعته بطاعة نبيه، وهو دليل صريح على أن من لم يطع الرسول؛ لم يطع الله تعالى، قال تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ،} وقال جل ذكره: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.
{إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ:} الذنب المدنس لعرضكم، وشرفكم، والإثم الذي نهى الله عنه. {أَهْلَ الْبَيْتِ:} قال الزجاج: قيل: يراد به نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: يراد به نساؤه، وأهله الذين هم أهل بيته، وانظر الآية التالية. {وَيُطَهِّرَكُمْ:} من المعاصي. {تَطْهِيراً:} مصدر مؤكد، وفيه بيان: أنه إنما نهاهن، وأمرهن، ووعظهن لئلا يقارف أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المآثم، وليتصونوا عنها بالتقوى، واستعار للذنوب الرجس، وللتقوى الطهر؛ لأن عرض المقترف للقبائح يتلوث بها، كما يتلوث بدنه بالأرجاس، وأما المحسنات؛ فالعرض منهن نقي، كالثوب الطاهر.
وفيه تنفير لأولي الألباب عن المناهي، وترغيب لهم في الأوامر من الطاعات. انتهى. نسفي.
الإعراب:{وَقَرْنَ:} الواو: حرف عطف. (قرن): فعل أمر مبني على السكون، ونون النسوة فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {فِي بُيُوتِكُنَّ:} متعلقان بما قبلهما، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والنون حرف دال على جماعة الإناث.
{وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية. {تَبَرَّجْنَ:} فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، التي هي فاعله، وهو في محل جزم ب (لا) الناهية، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {تَبَرُّجَ:} مفعول مطلق، مبين للنوع، وهو مضاف، و {الْجاهِلِيَّةِ} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. {الْأُولى:} صفة {الْجاهِلِيَّةِ} مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، وجملة:{وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. (آتين): فعل أمر مبني على السكون، ونون النسوة فاعله. {الزَّكاةَ:}
مفعول به، وجملة:{وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.
{إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ..}. إلخ: قال الجمل في حاشيته عند قوله تعالى في الآية [٨] من سورة (الصف): {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا..}. إلخ: في هذه اللام، أوجه: أحدها أنها مزيدة في مفعول الإرادة، قال الزمخشري: أصله يريدون أن يطفئوا كما جاء في سورة (التوبة) الآية رقم [٣٢]: