وخصوصا من وجه، فقد يوجد إسلام، ولا يوجد إيمان، وأما الإيمان فلا يمكن وجوده إلا بوجود الإسلام، فالإسلام قد يوجد عند المنافقين؛ الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وأما الإيمان فلا يوجد إلا عند المسلمين المؤمنين الصادقين في إيمانهم؛ الذين قال الله فيهم:{أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ}. جعلنا الله منهم، ووفقنا للسير على طريقتهم.
{وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ:} والمطيعين، والمطيعات. هذا؛ والقنوت: الطاعة، والخضوع، والدعاء، والتذلل بين يدي الله تعالى. {وَالصّادِقِينَ وَالصّادِقاتِ} أي: في الأقوال، والأعمال، والنيات، وقد حث النبي صلّى الله عليه وسلّم على الصدق، وحذر من الكذب، فقال:«عليكم بالصّدق، فإنّ الصدق يهدي إلى البرّ، والبرّ يهدي إلى الجنّة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرّى الصدق؛ حتى يكتب عند الله صدّيقا، وإيّاكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرّجل يكذب، ويتحرّى الكذب؛ حتّى يكتب عند الله كذّابا». رواه البخاري، ومسلم عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه. واعتبر الكذب من علامات النفاق؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان». رواه البخاري، ومسلم، وزاد مسلم في رواية له:«وإن صلى، وصام، وحج، واعتمر. وقال: إني مسلم».
{وَالصّابِرِينَ وَالصّابِراتِ:} على الطاعات، وعن المعاصي، وعلى أنواع البلاء، كما رأيت في الآية رقم [٢٤] من سورة (السجدة).
{وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ} أي: في الصلاة، فهو لبها، وجوهرها. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-في تفسير قوله تعالى في سورة (المؤمنون): {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ} أي: مخبتون أذلاء متواضعون. هذا؛ والخشوع في الصلاة يكون في القلب وفي الجوارح، أما خشوع القلب: فهو الخوف من الله، وحضوره معه حينما يقول:{إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} وملاحظة: أنه بين يديه تعالى في جميع حركاته، وسكناته. وأما خشوع الجوارح؛ فعدم الالتفات في الصلاة، وعدم رفع البصر إلى السماء، وعدم العبث بشيء من جسده، وثيابه، فقد روي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أبصر رجلا يعبث بلحيته في الصلاة، فقال:«لو خشع قلب هذا؛ لخشعت جوارحه». ذكره البغوي بغير سند، وانظر ما ذكرته في صدر سورة (المؤمنون) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ} أي: المنافقين، والمنفقات المال فرضا، وتطوعا كلما دعاهم داع إلى بذل المال.
{وَالصّائِمِينَ وَالصّائِماتِ} أي: شهر رمضان، وما ندب الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى صومه، كصوم الاثنين، والخميس من كل أسبوع، والعشر الأول من ذي الحجة، وغير ذلك مما ورد الترغيب في صومه.