للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشاء، أو تطلق من تشاء، وتمسك من تشاء منهن، أو لا تقسم لأيتهن شئت، وتقسم لمن شئت، أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك، وتتزوج من شئت. وعن الحسن-رضي الله عنه-: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خطب امرأة؛ لم يكن لأحد أن يخطبها حتى يدعها، وهذا قسمة جامعة لما هو الغرض؛ لأنه إما أن يطلق، وإما أن يمسك، فإذا أمسك ضاجع، أو ترك، وقسم، أو لم يقسم، وإذا طلق، وعزل، فإما أن يخلي المعزولة، لا يبتغيها، أو يبتغيها.

روي: أنه أرجى منهن سودة، وجويرية، وصفية، وميمونة، وأم حبيبة، فكان يقسم لهن ما شاء، كما شاء، وكانت ممن آوى إليه عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب رضي الله عنهن.

أرجى خمسا وآوى أربعا، وكان صلّى الله عليه وسلّم مع أن الله قد أطلق له الحرية في معاملة أزواجه، كان يشدد على نفسه في رعاية التسوية بينهن تطييبا لقلوبهن. وكان يقول: اللهم هذه قدرتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك، يعني: قلبه؛ لأنه كان يميل إلى عائشة أكثر من غيرها.

وروي: أن سودة-رضي الله عنها-حين أحست بميله إلى عائشة، وضعف رغبته فيها؛ فإنها وهبت ليلتها لعائشة، وقالت له: أمسكني، ولا تطلقني؛ حتى أحشر في زمرة نسائك.

{وَمَنِ ابْتَغَيْتَ} أي: طلبتها للمبيت معك. {مِمَّنْ عَزَلْتَ} أي: هجرتها، وابتعدت عنها مدة.

{فَلا جُناحَ عَلَيْكَ} أي: لا إثم، ولا مؤاخذة عليك في طلبها، ورجوعك عليها. {ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ} أي: ذلك التفويض إلى مشيئتك أقرب إلى رضاهن، وأطيب لأنفسهن، وأقل لحزنهن إذا علمن: أن ذلك من الله تعالى. {وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} أي: بما أعطيتهن من تقريب، وإرجاء، وعزل، وإيواء؛ لأنه حكم كلهن فيه سواء، ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا، وتكرما منك، وإن رجحت بعضهن على بعض علمن: أنه بحكم الله، لا اعتراض لواحدة منهن عليك، فتطمئن نفوسهن، ويهدأ بالهن.

{وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ} أي: من الميل لبعضهن. {وَكانَ اللهُ عَلِيماً:} بما في ضمائركم. {حَلِيماً:} لا يعاجل بالعقوبة. هذا؛ وانظر شرح: (شاء) في الآية رقم [٤٨] من سورة (الروم)، وشرح: (العين) في الآية رقم [١٧] من سورة (السجدة)، وشرح: {قُرَّةِ} في الآية رقم [١٧] منها. هذا؛ والفعل: {يَحْزَنَّ} في هذه الآية من باب: فرح، وطرب فهو لازم، ويأتي من باب: دخل، وقتل، فيكون متعديا. كما يكون متعديا إذا أتى من الرباعي.

الإعراب: {تُرْجِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، أو ظاهرة على الهمزة، والفاعل ضمير مستتر، تقديره: «أنت». {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به، وجملة {تَشاءُ:} صلته، والعائد محذوف، التقدير: التي تشاؤها. {مِنْهُنَّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب، و (من) بيان لما أبهم في (من) والنون علامة جمع الإناث، وإعراب الجملة التالية مثلها، والعائد والمتعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>