للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكور في أمر رقية، رضي الله عنها، فتزوجها عثمان رضي الله عنه، بعد وفاة رقية، رضي الله عنها. وبذلك سمّي ذا النورين، وتوفيت في حياة أبيها صلّى الله عليه وسلّم في شعبان سنة تسع من الهجرة، والرابعة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ولدت؛ وقريش تبني الكعبة قبل النبوة بخمس سنين.

{وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ:} هذا تعميم بعد تخصيص. {يُدْنِينَ:} يرخين، ويغطين وجوههن وأبدانهن. {عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ:} جمع: جلباب، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع، والخمار. وقيل: هو الملحفة، وكل ما يستتر به من كساء وغيره. {ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} أي: أولى وأجدر بأن يعرفن، فلا يتعرض لهنّ. {وَكانَ اللهُ غَفُوراً:} لما سلف منهن من التفريط. {رَحِيماً:} بتعليمهن آداب الإسلام.

تنبيه: أشارت الآية الكريمة إلى لطيفة دقيقة، وهي أن الدعوة لا تثمر إلا إذا بدأ الداعي بها في نفسه، وأهله، وهذا هو السر في البدء بالحجاب الشرعي بنساء الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبناته، قال أبو الأسود الدؤلي-رحمه الله تعالى-من قصيدة مشهورة: [الكامل] يا أيّها الرجل المعلّم غيره... هلاّ لنفسك كان ذا التّعليم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

وقد أجمعت الأمة على أن المراد بما في الآية الكريمة أن تغطي النساء وجوههن، وأبدانهنّ؛ لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه وحده، ولأن الوجه هو موضع الفتنة كما هو معروف لدى كل عاقل. ولا تنس: أن البيئة تختلف بين الريف، والبدو، والمدينة، فلكلّ اعتباره.

ولما كانت عادة العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوههن، كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن؛ إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف، فإذا لبسن الجلابيب؛ وقع الفرق بينهن وبين الإماء، فتعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن من كان عزبا، أو شابا، وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية، تتبرز للحاجة، فيتعرض لها بعض الفجار يظن: أنها أمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، ونزلت الآية بسبب ذلك، وهذه الآية تسمى: آية الحجاب.

في الآية الكريمة أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر، وأن ذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها إلا إذا كانت مع زوجها، فلها أن تلبس ما شاءت؛ لأن له أن يستمتع بها كيف شاء.

ثبت: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استيقظ ليلة، فقال: سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن من يوقظ صواحب الحجر؟ ربّ كاسية في الدنيا، عارية في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>