للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن إيذائهم له: أنهم اتهموه بقتل أخيه هارون لما مات في التيه، فأمر الله تعالى الملائكة أن تحمله، حتى مروا به على بني إسرائيل، فعرفوا أنه لم يقتله. ومن إيذائهم له أن قارون استأجر بغيا؛ لتقذفه بنفسها على رأس الملأ، فعصمها الله، وبرأ موسى من ذلك، وأهلك قارون. انظر تفصيله في الآية رقم [٨١] من سورة (القصص). ومن إيذائهم له ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى عليه السّلام يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، قال: فذهب مرة يغتسل، فوضع ثوبه على حجر، ففرّ الحجر بثوبه، قال: فجمح موسى بأثره، يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فنظروا إليه، وهو من أحسنهم خلقا، وأعدلهم صورة وليس به الذي قالوا، فأخذ ثوبه، فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فو الله إن بالحجر لندبا من أثر الضرب، ثلاثا، أو أربعا، أو خمسا». أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم مع اختلاف بينهما في ألفاظه.

أما إيذاء المؤمنين لنبيهم صلّى الله عليه وسلّم: منه ما ذكرته لك في الآية رقم [٥٣]، ومنه ما رواه عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك، وأعطى ناسا من أشراف العرب، وآثرهم في القسمة، فقال رجل من الأنصار: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله! فقلت: والله لأخبرنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فأتيته فأخبرته بما قال، فتغير وجهه صلّى الله عليه وسلّم حتى كان كالصّرف، ثم قال: «فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟!». ثم قال: «يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر». متفق عليه.

ويجدر بي أن أذكر: أن كثيرا من المسلمين يؤذون النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذه الأيام وهو في قبره حي طري، فالذين لا يأخذون بتعاليمه، ولا يتأدبون بآدابه، ولا يتخلقون بأخلاقه، ولا يتمسكون بسنته؛ بل الذين لا يعرفون شيئا من ذلك، وهم أبعد ما يكونون عن سنته، فلعمري لا أدري هل نقول عنهم: إنهم منافقون، أم فاسقون، أم فاسدون، أم كافرون؟ فلا ريب أن الذين لا يأخذون بشرعه، ولا يعملون بالكتاب الذي أنزل عليه هم الكافرون.

{وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً:} ذا قربة، ووجاهة عند الله. والوجيه عند العرب: العظيم القدر، الرفيع المنزلة. ويروى: أنه كان إذا سأل الله شيئا أعطاه إياه، فقد كان مستجاب الدعوة.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [٤٩]. {لا:} ناهية جازمة. {تَكُونُوا:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب‍: {لا،} وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع اسمها، والألف للتفريق. {كَالَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبره.

هذا؛ وإن اعتبرت الكاف اسما بمعنى: مثل؛ فهي الخبر، وتكون مضافة، و {الَّذِينَ} اسم موصول

<<  <  ج: ص:  >  >>