للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ..}. إلخ: هذا جواب عن ترديدهم الوارد على طريقة الاستفهام بالإضراب عن شقيه، وإبطالهما، وإثبات قسم ثالث كاشف عن حقيقة الحال، مناد عليهم بسوء حالهم، وبطلان ما قالوا في حقه. كأنه قيل: ليس الأمر كما زعموا؛ بل هم في كمال اختلال العقل، وغاية الضلال عن الفهم، والإدراك؛ الذي هو الجنون حقيقة، وفيما يؤدي إليه ذلك من العذاب، ولذلك يقولون ما يقولون. انتهى. جمل نقلا من أبي السعود.

هذا؛ والضلال: مصدر: ضل الثلاثي، ومصدر الرباعي: الإضلال، فهو مستعار من ضلال من أبعد في التيه ضلالا، أو هو مجاز عقلي على حد: جد جده؛ لأن البعيد في الحقيقة إنما هو الضال؛ لأنه هو الذي يتباعد الطريق، فوصف به فعله، وانظر الآية رقم [١١] من سورة (لقمان).

وأخيرا فالهمزة بقوله: {أَفْتَرى} همزة الاستفهام، واستغنى بها عن همزة الوصل، فحذفتها، والأصل «أافترى» فحذفت الألف الثانية؛ لأنها ألف الوصل. فإن قيل: فهلا أتوا بمدة بعد الألف، فقالوا: آفترى، كقوله تعالى: {آللهُ خَيْرٌ،} وقوله جل ذكره: {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ..}. إلخ قيل له: كان الأصل في هذا «أالله؟» «أالذّكرين» فأبدلوا من الألف الثانية مدة؛ ليفرقوا بين الاستفهام، والخبر، وذلك أنهم لو قالوا: «الله خير؟» بلا مدّ لالتبس الاستفهام بالخبر. ولم يحتاجوا إلى هذه المدة في قوله: {أَفْتَرى}. {أَطَّلَعَ} لأن ألف الاستفهام مفتوحة، وألف الخبر مكسورة، وذلك: أنك تقول في الاستفهام «أطّلع؟ أفترى؟ أصطفى؟ أستغفرت؟» بفتح الألف، وتقول في الخبر: «اطلع، افترى، اصطفى، استغفرت لهم» بالكسر، فجعلوا الفرق بالفتح والكسر ولم يحتاجوا إلى فرق آخر. انتهى. قرطبي.

الإعراب: {أَفْتَرى:} الهمزة: حرف استفهام. (افترى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل تقديره: «هو» يعود إلى {رَجُلٍ}. {عَلَى اللهِ:} متعلقان بما قبلهما. {كَذِباً:}

مفعول به، وجملة: {أَفْتَرى..}. إلخ في محل نصب مقول القول؛ إن كان من تمام قول الكافرين، ومستأنفة؛ إن كانت من كلام السامع. {أَمْ:} حرف عطف. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {جِنَّةٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. {بَلِ:} حرف عطف، وإضراب. {الَّذِينَ:} مبتدأ. {لا:} نافية.

{يُؤْمِنُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {بِالْآخِرَةِ:} متعلقان به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {فِي الْعَذابِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. (الضلال):

معطوف على ما قبله. {الْبَعِيدِ:} صفة له، والجملة الاسمية: {بَلِ الَّذِينَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول لقول محذوف، انظر تقديره في الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>