الالتفات من الغيبة في الآية السابقة، إلى الخطاب في هذه الآية، انظر الالتفات، وفوائده في الآية رقم [٣٤] من سورة (الروم). هذا؛ ولا تنس مراعاة لفظ {مَنْ} بإرجاع الفاعل إليها، ومراعاة معناها باسم الإشارة، وما بعده.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية حجازية تعمل عمل: «ليس»، أو: هي مهملة لا عمل لها. {أَمْوالُكُمْ:} اسم (ما)، أو مبتدأ. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): صلة لتأكيد النفي. {أَوْلادُكُمْ:} معطوف على ما قبله، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
{بِالَّتِي:} الباء: حرف جر صلة. (التي): اسم موصول مبني على السكون في محل جر لفظا، وفي محل نصب محلا على أنه خبر (ما)، أو على أنه خبر المبتدأ على إهمال (ما). هذا؛ وقال الفراء -وهو مذهب أبي إسحاق الزجاج-: المعنى: وما أموالكم بالتي تقربكم عندنا، ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى، ثم حذف خبر الأول لدلالة الثاني، وأنشد الفراء قول قيس بن الخطيم الأوسي وهو الشاهد رقم [١٠٥٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [المنسرح] نحن بما عندنا وأنت بما... عندك راض والرّأي مختلف
{تُقَرِّبُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى التي، وهو العائد، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {عِنْدَنا:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله. وقيل:
متعلق بمحذوف حال. ولا وجه له، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {زُلْفى:}
مفعول مطلق، عامله من غير لفظه، وهو قوله:{تُقَرِّبُكُمْ}. {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء من كاف الخطاب، وقال الزجاج: بدل منه. وهو غير معتمد. {آمَنَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{مَنْ،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. وجملة:{وَعَمِلَ صالِحاً} معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {فَأُولئِكَ:} الفاء حرف تفريع، واستئناف. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {لَهُمْ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم.
{جَزاءُ:} مبتدأ مؤخر، و {جَزاءُ} مضاف، و {الضِّعْفِ} مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، والجملة الاسمية في محل رفع خبر:(أولئك). هذا؛ وإن اعتبرت:{جَزاءُ الضِّعْفِ} خبر، (أولئك)، فالجار والمجرور يكونان متعلقين ب:{جَزاءُ الضِّعْفِ} بعدهما، والجملة الاسمية:(أولئك...) إلخ لا محل لها؛ لأنها مفرعة ومستأنفة، وهذا الإعراب يجعل هذه غير مرتبطة بما قبلها، لذا فالوجه اعتبار:{مَنْ} شرطا جازما، و:{آمَنَ} فعل شرطه، وجوابه جملة:{فَأُولئِكَ..}. إلخ، وخبره: جملتا الشرط، والجواب على المعتمد عند المعاصرين.
وهذا؛ وإن اعتبرت {مَنْ} اسما موصولا مبتدأ؛ فالجملة الاسمية:{فَأُولئِكَ..}. إلخ في محل رفع خبره، وتكون الفاء زائدة في خبر الموصول؛ لأنه يشبه الشرط في العموم، وعلى الوجهين،