للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهما، وانظر شرح (الضلال) في الآية رقم [١١] من سورة (لقمان)، و (السجدة) رقم [١٠].

{وَإِنِ اهْتَدَيْتُ} أي: إلى الحق، والصواب. {فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي:} من القرآن والحكمة، وإن الاهتداء بهدايته، وتوفيقه، قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها..}. إلخ الآية رقم [١٣] من سورة (السجدة).

وكان قياس التقابل أن يقال: وإن اهتدت، فإنما أهتدي لها، كقوله تعالى: {مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها} الآية رقم [١٥] من سورة (الإسراء) ولكن هما متقابلان معنى؛ لأن النفس كل ما هو وبال عليها، وضار لها، فهو بها، وبسببها؛ لأنها الأمارة بالسوء، وما لها مما ينفعها؛ فبهداية ربها، وتوفيقه، وهذا حكم عام لكل مكلف، وإنما أمر رسوله أن يسنده إلى نفسه؛ لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلالة قدره، وسداد طريقته، كان غيره أولى به. انتهى. نسفي. وانظر ما ذكرته في سورة (الشعراء) رقم [٨٠]. {إِنَّهُ سَمِيعٌ:} يسمع قول كل ضال، ومهتد. {قَرِيبٌ:} مني، ومنكم يجازيني بعملي، ويجازيكم بأعمالكم.

هذا؛ وأصل الوحي: الإشارة السريعة، والوحي: الكتاب المنزل على الرسول المرسل لقومه، مثل موسى، وعيسى، ومحمد صلّى الله عليهم وسلم أجمعين، والوحي أيضا: الكتابة، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك. وتسخير الطير لما خلق له إلهام، والوحي إلى النحل، وتسخيرها لما خلقها الله له إلهام أيضا، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٨] من سورة (النحل) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {إِنْ:} حرف شرط جازم.

{ضَلَلْتُ:} فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنَّما:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنما): كافة ومكفوفة. {أَضِلُّ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر، تقديره:

«أنا». {عَلى نَفْسِي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة: {فَإِنَّما أَضِلُّ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تحل محل المفرد عند الدسوقي، وهي في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور. و (إن) ومدخولها في محل نصب مقول القول. و (إن) الثانية ومدخولها كلام معطوف عليه فهو في محل نصب مقول القول أيضا. {فَبِما:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (بما): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فاهتدائي بما. و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: فبسبب الذي، أو: شيء يوحيه... إلخ، وعلى اعتبارها مصدرية، تؤول مع ما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>