للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ} أي: كما جرى للأمم الماضية المكذبة بالرسل، لما جاءهم بأس الله؛ تمنوا أن لو آمنوا، فلم يقبل منهم، كما قال الله تعالى في الآية رقم [٨٥] من سورة (غافر): {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ} هذا؛ والمراد ب‍ (أشياعهم) أشباههم من كفرة الأمم الماضية، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٢] من سورة (الروم) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} أي: في شك، وريبة، أي: من أمر الرسل، والجنة، والنار، والحساب، والجزاء بعد الموت، يقال: أراب الرجل؛ أي: صار ذا ريبة، فهو مريب. ومن قال: هو من الريب الذي هو الشك، والتهمة؛ قال: يقال شك مريب، كما يقال: عجب عجيب، وشعر شاعر في التأكيد. قال قتادة-رحمه الله تعالى-: إياكم والشك، والريبة، فإنه من مات على شك؛ بعث عليه. ومن مات على يقين؛ بعث عليه، وانظر شرح (الريب) في الآية رقم [٢] من سورة (السجدة) تجد ما يسرك. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَحِيلَ:} الواو: حرف عطف. (حيل): فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر، تقديره: «هو»، يعود إلى المصدر المفهوم من الفعل، التقدير: وحيل هو؛ أي: الحول، وقال الأخفش: نائب الفاعل هو: (بين) وبني على الفتح لإضافته لمبني، وكان حقه الرفع. ورد ابن هشام عليه في المغني، وأورد قول علقمة الفحل: [الطويل] وقالت متى يبخل عليك ويعتلل... يسوؤك وإن يكشف غرامك تدرب

وهذا هو الشاهد رقم [٩٠٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، وقول صخر أخي الخنساء: [الطويل] أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه... وقد حيل بين العير والنّزوان

وهذا هو الشاهد رقم [٩١٠] من كتابنا المذكور، ومثله قول طرفة بن العبد البكري: [الطويل] فيا لك من ذي حاجة حيل دونها... وما كلّ ما يهوى امرؤ هو نائله

ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (الكهف) رقم [٤٢]: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ..}. إلخ، والآية رقم [١٩] من سورة (الأحزاب). {بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {وَبَيْنَ:} الواو: حرف عطف. (بين): معطوف على ما قبله، و (بين) مضاف، و {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: وبين الذي، أو شيء يشتهونه، وعلى اعتبار {ما} مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالإضافة، التقدير: وبين مشتهاهم، وجملة: (حيل...) إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>