للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينظر، ويبصر، ويتفكر، ويعتبر. {الْفُلْكَ:} السفن، وانظر شرحه في الآية رقم [١١٩] من سورة (الشعراء). {مَواخِرَ:} تمخر الماء؛ أي: تشقه بحيزومها، وهو مقدمها المسنم، الذي يشبه جؤجؤ الطير، وهو صدره. {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي: بسبب السفر في البواخر، والسفن، ونقل البضائع على متنها من بلد إلى بلد، ومن إقليم إلى إقليم، وذلك في مدة قريبة، وقصيرة، ولو كانت المسافات بعيدة. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:} الله على فضله، وإنعامه. وقيل: على ما أنجاكم من هوله؛ إذا كنتم في لجته، وانظر شرح: البر والبحر في الآية رقم [٦٤] من سورة (الشعراء).

تنبيه: وقد ذكر الله من منافع البحرين الأكل؛ لأنه أعظم المقصود؛ لأن به قوام البدن، وفي ذكر الطري مزيد فائدة دالة على كمال قدرة الله تعالى، وذلك: أن السمك لو كان كله مالحا لما كان فيه فائدة للإنسان، ووصفه بالطري؛ لأنه أرطب اللحوم، فيسرع إليه الفساد، فيسارع من يصيده إلى أكله.

وثنى بالصيد من البحر، وإخراج الحلية منه، كاللؤلؤ، والمرجان، ونحوهما. وأسند لبس الحلية للرجال، وهي من زينة النساء؛ لأنهن من جملة الرجال، ولأنهن يتزيّن بها من أجلهم، وثلث بنعمة جريان السفن في البحار؛ لما في ذلك من الفوائد العظيمة، والأرباح الجسيمة، التي يجنيها ابن آدم من ذلك بقوله: {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي: تطلبوا الأرباح بالتجارة، ثم عقب ذلك بطلب الشكر على إسداء هذه النعم لبني آدم.

هذا؛ و (الحلية) بكسر الحاء، والجمع: حلى بالقصر، وتضم الحاء، وتكسر، وحلية السيف: زينته. قال ابن فارس: ولا تجمع. وتحلت المرأة: لبست الحلي، أو اتخذته. وحليتها (بالتشديد): ألبستها الحلي، أو اتخذته لها لتلبسه. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (النحل) رقم [١٤]: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {يَسْتَوِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل. {الْبَحْرانِ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {عَذْبٌ:} خبر المبتدأ.

{فُراتٌ:} صفة له. {سائِغٌ:} خبر مقدم. {شَرابُهُ:} مبتدأ مؤخر، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان. هذا؛ وأجيز اعتبار سائغ خبرا ثانيا، فيكون شرابه فاعلا به، والجملة الاسمية: {هذا..}. إلخ في محل نصب حال من: {الْبَحْرانِ} والرابط: اسم الإشارة، والضمير، وإن كان مفردا، وصاحب الحال مثنى، فعطف جملة:

{وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ} يجعله مثنى. تأمل. وإن اعتبرت الجملة الأولى مستأنفة؛ فالمعنى لا يأباه،

<<  <  ج: ص:  >  >>