{هاجَرُوا:} الهجرة معناها: الانتقال من موضع إلى موضع، وقصد ترك الأول إيثارا للثاني، والهجر ضدّ الوصل، وهو بفتح الهاء، والهجر بضم الهاء: الفحش في القول. ({جاهَدُوا}):
قاتلوا. {فِي سَبِيلِ اللهِ:} من أجل نصر دين الله. {أُولئِكَ:} المؤمنون المهاجرون المجاهدون.
{يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ:} يطلبون رحمة الله بما فيها من خير عميم، وفضل عظيم. وإنّما قال جلّ ذكره: {يَرْجُونَ} وقد مدحهم، وأثنى عليهم بالإيمان والهجرة والجهاد؛ لأنّه لا يعلم أحد في هذه الدنيا: أنه صائر إلى الجنة، ولو بلغ في طاعة الله كلّ مبلغ؛ لأمرين: أحدهما: لا يدري بما يختم له، والثاني: لئلا يتّكل على عمله.
هذا؛ والرجاء: الطّمع، والأمل في الشيء، والرّجاء معه خوف لا بدّ، كما أنّ الخوف معه رجاء، والرّجاء من الطّمع، والأمل (ممدود)، والرّجا بالقصر: ناحية الشيء، وطرفه، والعوام من الناس يخطئون في قولهم: يا عظيم الرجا، ويقال: ترجيته، وارتجيته، ورجيته، كله بمعنى:
رجوته، قال بشر يخاطب ابنته: [الوافر]
فرجّي الخير وانتظري إيابي... إذا ما القارظ العنزيّ آبا
والرجاء بمعنى الأمل، والطّماعية في الشّيء، ومنه قول الشاعر: [الوافر]
أترجو أمّة قتلت حسينا... شفاعة جدّه يوم الحساب
والرّجاء يأتي بمعنى عدم المبالاة إذا كان منفيّا، قال خبيب بن عدي رضي الله عنه: [الطويل]
لعمرك ما أرجو إذا كنت مسلما... على أيّ جنب كان في الله مصرعي
وقد يأتي الرجاء بمعنى الخوف، وبه فسر كثير من المفسرين الآية الأخيرة من سورة (الكهف) وغيرها، وهي لغة تهامة، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي في صفة عسّال، وهو الذي يقطف عسل النحل: [الطويل]
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها... وخالفها في بيت نوب عوامل
وقال بعض العلماء: لا يقع الرّجاء بمعنى الخوف إلا مع الجحد؛ أي: النّفي، كقوله تعالى: {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً} وقال بعضهم: بل يقع في كلّ موضع دلّ عليه المعنى، وهو المعتمد. هذا، والدّبر: النحل، والنّوب بضم النون أيضا: النّحل، واحدة: نوب. {وَاللهُ غَفُورٌ} لما فعله أهل سرية عبد الله خطأ، وقلّة احتياط. {رَحِيمٌ:} بهم، فهو يجزل لهم الأجر، والمثوبة، وهما صيغتا مبالغة.
الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها. {آمَنُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مع المتعلق