للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سياق هذا الحديث: «وليس من أخلاق المؤمن المكر، والخديعة، والخيانة». وفي هذا أبلغ تحذير عن التخلق بهذه الأخلاق الذميمة، والخروج عن أخلاق الإيمان الكريمة.

{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ} أي: فهل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون إلا سنة الله، وعادته في الأمم المتقدمة؟ وهي إهلاكهم، وتعذيبهم بسبب تكذيبهم للرسل.

{فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً} أي: فلن تتغير، ولن تتبدل سنته في خلقه، ولا يستطيع أحد أن يحوّل العذاب عن نفسه إلى غيره، وقال تعالى في الآية رقم [٦٢] من سورة (الأحزاب): {سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً}. وقال تعالى في الآية رقم [٧٧] من سورة (الإسراء): {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً}. فأنت ترى: أن الله تعالى أضاف السنة تارة إلى نفسه، وتارة أضافها إلى القوم لتعلق الأمر بالجانبين، وهو كالأجل تارة يضاف إلى الله، وتارة إلى القوم، قال الله تعالى في الآية رقم [٥] من سورة (العنكبوت): {فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ،} وقال في الآية رقم [٣٤] من سورة (الأعراف)، وغيرها: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ}.

الإعراب: {اِسْتِكْباراً:} يجوز فيه أن يكون مفعولا لأجله، وأن يكون بدلا من: {نُفُوراً،} وأن يكون حالا، أي: حال كونهم مستكبرين. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بما قبلهما. {وَمَكْرَ:} معطوف على ما قبله، أو هو معطوف على {نُفُوراً} أجازهما السمين، والزمخشري. و (مكر): مضاف، و {السَّيِّئِ} مضاف إليه، من إضافة الموصوف إلى صفته؛ إذ الأصل: والمكر السيئ. {وَلا:}

والواو: حرف استئناف. (لا): نافية. {يَحِيقُ:} مضارع. {الْمَكْرُ:} فاعله. {السَّيِّئِ:} صفة، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، وقيل: في محل نصب حال، وهو ضعيف؛ إذ لا وجه له.

{إِلاّ:} حرف حصر. {بِأَهْلِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

{فَهَلْ:} الفاء: حرف استئناف. (هل): حرف استفهام، معناه النفي. {يَنْظُرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله. {إِلاّ:} حرف حصر.

{سُنَّتَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْأَوَّلِينَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء... إلخ.

والإضافة من إضافة المصدر لمفعوله هنا بخلاف قوله: {لِسُنَّتِ اللهِ} فإن الإضافة فيه من إضافة المصدر لفاعله، وعليه: فهي تضاف أحيانا للفاعل، وأحيانا للمفعول. والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. وقيل: معطوفة على ما قبلها. ولا وجه له. {فَلَنْ:} الفاء: حرف عطف. (لن):

حرف نفي، ونصب، واستقبال. {تَجِدَ:} مضارع منصوب ب‍: (لن)، والفاعل مستتر تقديره:

«أنت». {لِسُنَّتِ:} متعلقان بما بعدهما، أو هما في محل نصب حال منه، كان صفة له... إلخ، أو هما مفعوله الثاني تقدم على الأول. {تَبْدِيلاً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والتي بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق.

<<  <  ج: ص:  >  >>