للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاته في بيته، وفي سوقه، خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنّه إذا توضأ، فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلاّ الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما دام في مصلاّه ما لم يحدث... إلخ». رواه البخاري. وعن ابن عمر-رضي الله عنهما-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة». رواه مالك، والبخاري، ومسلم، والنسائي، والترمذي، وهذا هو المفتى به، والمشهور عند المسلمين، وخذ ما يلي:

فعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال لهم: «إنّه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد». قالوا: نعم يا رسول الله! قد أردنا ذلك، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «يا بني سلمة! دياركم تكتاب آثاركم! دياركم تكتاب آثاركم!». أخرجه الإمام مسلم والإمام أحمد. والمعنى: الزموا دياركم. والفعل المضارع مجزوم بهذا المقدر.

وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: إن بني سلمة شكوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد منازلهم من المسجد، فنزلت: {وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ} فأقاموا في مكانهم، وقالوا: ما كان يسرنا أنا كنا تحولنا. رواه الحافظ البزار. هذا؛ وقال قتادة-رحمه الله تعالى-: لو كان الله -عز وجل-مغفلا شيئا من شأنك يا بن آدم؛ أغفل ما تعفي الرياح من هذه الآثار، ولكن أحصى على ابن آدم أثره، وعمله كله؛ حتى أحصى هذا الأثر، فيما هو من طاعة الله تعالى، أو من معصيته، فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله تعالى؛ فليفعل. انتهى. من القرطبي ومختصر ابن كثير وغيرهما. هذا؛ والأثر: الأجل، وخذ ما يلي:

فعن أنس-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أحبّ أن يبسط له في رزقه، وينسّأ له في أثره؛ فليصل رحمه». رواه البخاري، ومسلم. قال في الفتح: وسمي الأجل أثرا؛ لأنه يتبع العمر. قال زهير بن أبي سلمى: [البسيط] والمرء ما عاش ممدود له أمل... لا ينقضي العمر حتّى ينتهي الأثر

{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ} أي: حفظنا كل شيء، وعددناه، وأثبتناه في اللوح المحفوظ، فهو مسطور، ومضبوط، لا يطرأ محو، ولا تغيير، ولا تبديل عليه، والإمام: الكتاب الذي يسجل فيه عمل الإنسان، وبه قيل في قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ}. الآية رقم [٧١] من سورة (الإسراء)، أي: بكتاب أعمالهم الشاهد عليهم بما عملوه من خير، أو شر، كما قال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ}. وقال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ..}. إلخ. الآية رقم [٤٩] من سورة (الكهف)، ويقال له: {اِقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} الآية رقم [١٤] من سورة (الإسراء).

<<  <  ج: ص:  >  >>