للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وقيت به نفسك من السلاح، وغيره، ومنه: المجن، والمجنة بكسر الميم فيهما، وهو الترس الذي كان يتخذ للوقاية من ضربات السيوف، والرماح. {نَخِيلٍ:} فيه قولان: أحدهما: أنه اسم جمع، واحده: نخلة. والثاني: أنه جمع: نخل؛ الذي هو اسم جنس. (أعناب): جمع: عنب الذي هو اسم جنس، واحده: عنبة. هذا؛ وإنما خص الله هذين النوعين بالذكر من بين سائر الأشجار تغليبا لهما لشرفهما، وكثرة منافعهما. وذكر النخيل دون التمور ليطابق الحب، والأعناب، لاختصاص شجرها بمزيد النفع، وآثار الصنع.

{وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ} أي: جعلنا في الجنات أنهارا جارية في أمكنة يحتاجون فيها.

هذا؛ و {الْعُيُونِ} جمع: عين، وانظر ما ذكرته في آية (السجدة) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

هذا؛ و (نا) في قوله تعالى: (جعلنا وفجرنا) ونحوهما فقد قال ابن تيمية-رحمه الله تعالى- في كتابه: «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح»: وقوله تعالى: (جعلنا وهبنا، نحن، إنّا) لفظ يقع في جميع اللغات على من له شركاء، وأمثال، وعلى الواحد العظيم المطاع، الذي له أعوان يطيعونه، وإن لم يكونوا له شركاء، ولا نظراء، والله تعالى خلق كل ما سواه، فيمتنع أن يكون له شريك، أو مثل، والملائكة وسائر العالمين جنوده، فإذا كان الواحد من الملوك، يقول: فعلنا وإنا، ونحن... إلخ ولا يريدون: أنهم ثلاثة ملوك، فمالك الملك رب العالمين، ورب كل شيء، ومليكه هو أحق أن يقول: فعلنا، ونحن، وإنا... إلخ، مع أنه ليس له شريك، ولا مثل؛ بل له جنود السموات، والأرض. انتهى.

أقول: و: «نا» هذه تسمى نون العظمة، وليست دالة على الجماعة، كما يزعم الملحدون، والكافرون، فالله لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكثيرا ما يتكلم بها العبد، ذكرا كان، أو أنثى، فيقول: أخذنا، وأعطينا إلخ، وليس معه أحد. والغاية من هذا الكلام الرد على النصارى الذين يدخلون الشبهة على السذج من المسلمين بأن الإله ثلاثة أقانيم:

الأب، والابن، وروح القدس، ويدعمون شبهتهم هذه بالألفاظ الموجودة في القرآن، والتي ظاهرها يفيد الجمع، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَجَعَلْنا:} الواو: حرف عطف. (جعلنا): فعل، وفاعل. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {جَنّاتٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {مِنْ نَخِيلٍ:} متعلقان بمحذوف صفة: {جَنّاتٍ}. {وَأَعْنابٍ:} معطوفة على ما قبله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها على جميع الاعتبارات فيهن. {وَفَجَّرْنا:}

فعل، وفاعل. {فِيها:} متعلقان بما قبلهما، والمفعول محذوف، التقدير: وفجرنا فيها ينبوعا، أو: ما ينتفعون به. {مِنَ الْعُيُونِ:} متعلقان بمحذوف صفة على التقدير الأول، وفي محل نصب حال من «ما» على التقدير الثاني، و {مِنْ} بيان للإبهام. هذا؛ وأجاز الأخفش اعتبارها زائدة في الإيجاب، وعليه ف‍: {الْعُيُونِ} هي المفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>