للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} انطلق من كان عنده يتيم، فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، واعتزل الأوصياء اليتامى، ومخالطتهم، والاهتمام بشئونهم تحرّجا من الإثم، فشقّ ذلك على الأوصياء، واليتامى، فذكروا ذلك للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فنزلت هذه الآية، فخلطوا طعامهم بطعام اليتامى، وشرابهم بشرابهم.

{قُلْ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم: {إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} أي: مخالطتهم، ومداخلتهم لإصلاح أحوالهم، وإصلاح أموالهم بالحفظ، والتنمية خير من مجانبتهم. {وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ} أي:

إذا خلطتم أموالهم بأموالكم على وجه المصلحة لهم؛ فهم إخوانكم في الدين، وأخوّة الدين أقوى من أخوة النّسب، ومن حقوق هذه الأخوة المخالطة بالإصلاح، والنفع.

{وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ:} وعد، ووعيد، فالوعيد لمن يفسد في مال اليتيم، ويضرّ بمصالحه، والوعد لمن يقوم بتربية اليتيم، وحفظ ماله، والاهتمام بشأنه. والعلم يقتضي المجازاة على الإفساد، والإصلاح. وبالجملة: الله تعالى أعلم وأدرى بمن يقصد بمخالطتهم الخيانة، والإفساد لأموالهم، ويعلم كذلك من يقصد لهم الإصلاح، فيجازي كلاّ بعمله. وبين المفسد، والمصلح طباق، وهو من المحسّنات البديعية.

{وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ:} أي: لو شاء تعالى لأوقعكم في الحرج، والمشقّة، وشدّد عليكم، ولكنّه يسّر عليكم الدّين، وسهّله رحمة بكم. والعنت هنا: المشقة، والتضييق. {إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ:} غالب على أمره، قويّ لا يقهره أحد. {حَكِيمٌ:} في صنعه يضع الأمور مواضعها لحكمة يعلمها. وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} لا يحسن مكانه غفور رحيم. وانظر الآية رقم [٢٠٩].

الإعراب: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ:} تقدّم إعراب مثل هذه الكلمات إفرادا، وجملة.

{إِصْلاحٌ:} مبتدأ، وهو نكرة سوغ الابتداء به وصفه بالجار والمجرور: {لَهُمْ،} أو بعمله فيهما؛ إن علقتهما به؛ لأنه مصدر. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، والجملة الفعلية: {قُلْ إِصْلاحٌ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{وَإِنْ:} الواو: حرف عطف. ({إِنْ}): حرف شرط جازم. {تُخالِطُوهُمْ:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.

{فَإِخْوانُكُمْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إخوانكم): خبر لمبتدإ محذوف، التقدير:

فهم إخوانكم، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول:

لا محل لها؛ لأنها لم تحلّ محل المفرد، و (إن) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، فهو في محل نصب مقول القول مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>