أحسن؛ لأن المصدر يفرد مطلقا، بخلافه على الأول، فيكون المفرد أقيم مقام الجمع، فإن قيل:
كيف يقولون هذا، وهم من المعذبين في قبورهم؟ فالجواب: يكون من ثلاث جهات: الأولى:
قال أبي بن كعب: ينامون نومة. الثانية: قال أبو صالح: إذا نفخ النفخة الأولى رفع العذاب عن أهل القبور، وهجعوا هجعة إلى النفخة الثانية، وبينهما أربعون سنة. وهذا قاله ابن عباس، وقتادة-رضي الله عنهما-الثالثة: قال أهل المعاني: إن الكفار إذا عاينوا جهنم وما فيها من أنواع العذاب، صار ما عذّبوا به في قبورهم إلى جنب عذابها كالنوم.
أقول: ويؤيد هذا قوله تعالى في سورة (غافر): {النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ}. {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} أي: هذا الذي وعدكم الله به من البعث بعد الموت، والحساب، والجزاء، وصدق رسله الكرام فيما أخبرونا به عن الله تعالى. وهذا من كلامهم. وقيل: هو من كلام الملائكة لهم. وقيل: هو من كلام المؤمنين جوابا لهم عن سؤالهم، معدولا به عن سننه، تذكيرا لكفرهم، وتقريعا لهم عليه، وتنبيها بأن الذي يهمهم هو السؤال عن البعث دون الباعث، كأنهم قالوا: بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث، فأرسل إليكم الرسل، فصدقوكم، وليس الأمر كما تظنونه، فإنه ليس بعث النائم، فيهمكم السؤال عن الباعث، وإنما هو البعث الأكبر ذو الأهوال. انتهى. بيضاوي بتصرف.
هذا؛ وفي الآية استعارة تصريحية أصلية، حيث استعير الرقاد للموت. والجامع بينهما عدم ظهور الفعل منهما. وهذا على اعتبار (مرقد) مصدرا ميميا، وأما على اعتباره اسم مكان؛ فالاستعارة تبعية.
كأنهم قالوا لبعضهم: يا هؤلاء ويلا لنا، فلما أضاف حذف اللام الثانية، وعليه ف:(ويلا) مصدر مفعول مطلق فعله محذوف. و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وهذا قاله الجلال، وأيده سليمان الجمل، وقول لمكي، وأجيز اعتبار:(ويلنا) منادى مثل: {يا حَسْرَةً} في الآية رقم [٣٠] فيكون المعنى: يقول الكافر يوم القيامة: تعال يا ويل هذا زمانك، وإبانك، وقال الكوفيون: إن (ويل) كلمة برأسها، و «لنا» جار ومجرور متعلقان به. ولا معنى لهذا إلا بتأويل بعيد، وهو أن يكون: يا عجب لنا؛ لأن (وي) تفسر بمعنى: أعجب منا. انتهى. جمل. وعليه يكون الكافر قد نادى العجب. تأمل، وتدبر.
{مَنْ:} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {بَعَثَنا:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {مَنْ}. و (نا): مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول كالجملة التي قبلها، وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.