للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى: يصغون، ويدركون بخلاف ما إذا عدي بنفسه، فإنه يفيد الإدراك فقط، والمعنى:

لا يقدرون أن يستمعوا إلى الملائكة الذين هم في العالم العلوي. وقيل المعنى: لئلا يسمعوا إلى الملأ الأعلى، فحذفت: «أن» وارتفع الفعل على حد قول طرفة في معلقته رقم [٥٣]: [الطويل] ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى... وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي؟

واستقبحه الزمخشري، والبيضاوي، والنسفي؛ لأنه يكون قد جمع فيه بين حذفين: اللام الجارة، و «أن» مع أن حذف واحد منهما على انفراده وارد، ومقبول.

{وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ} أي: ويرمون بالشهب من كل جانب من جوانب السماء؛ إذا قصدوا صعوده، وراموا استراق السمع. {دُحُوراً} أي: يدحرون دحورا، بمعنى: يطردون طردا. {وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ} أي: دائم، وموجع، وهذا العذاب يكون لهم في الآخرة.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كانت الشياطين، لا يحجبون عن السموات، وكانوا يدخلونها، ويأتون بأخبارها، فيلقونها إلى الكهنة، فلما ولد عيسى عليه الصلاة والسّلام؛ منعوا من ثلاث سماوات، فلما ولد محمد صلّى الله عليه وسلّم منعوا من السموات كلها، فما منهم أحد يريد استراق السمع إلا رمي بشهاب، وهو: الشعلة من النار، فلا يخطئه أبدا، فمنهم من يقتله، ومنهم من يحرق وجهه، ومنهم من يخبله، فيصير غولا يضل الناس في الفلوات، والبراري. انتهى. جمل.

{واصِبٌ:} دائم، ومنه قوله تعالى في سورة النحل رقم [٥٢] {وَلَهُ الدِّينُ واصِباً}.

وبسبب ذلك بطلت الكهانة، فإن قيل: إن هذا القذف إن كان لأجل النبوة؛ فلم دام بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ والجواب: أنه دام بدوام النبوة، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبر ببطلان الكهانة، فقال: «ليس منا من تكهن». فلو لم تحرس بعد موته لعادت الجن إلى تسمعها، وعادت الكهانة، ولا يجوز ذلك بعد أن بطل، ولأن قطع الحراسة عن السماء إذا وقع لأجل النبوة، فعادت الكهانة دخلت الشبهة على ضعفاء المسلمين، ولم يؤمن أن يظنوا: أن الكهانة إنما عادت لتناهي النبوة، فصح: أن الحكمة تقتضي دوام الحراسة في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وبعد أن توفاه الله إلى دار كرامته.

الإعراب: {لا:} نافية. {يَسَّمَّعُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {وَيُقْذَفُونَ:} الواو:

حرف عطف. (يقذفون): فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {مِنْ كُلِّ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و {كُلِّ} مضاف، و {جانِبٍ} مضاف إليه. {دُحُوراً:} مفعول مطلق من معنى:

(يقذفون). أو هو مصدر في موضع الحال بمعنى: مدحورين. أو هو مفعول لأجله. {وَلَهُمْ:}

الواو: حرف استئناف. (لهم): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عَذابٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة. {واصِبٌ:} صفة: {عَذابٌ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>