إذا المرء لم يخلق سعيدا تخلّفت... ظنون مربّيه وخاب المؤمّل
فموسى الّذي ربّاه جبريل كافر... وموسى الذي ربّاه فرعون مرسل
وهذا مما يهدم أمر الطبائع، والعناصر، وعلى أن الظلم في أعقاب إسماعيل، وإسحاق لم يعد عليهما بعيب، ولا نقيصة، وأن الإنسان إنما يعاب بسوء فعله، ويعاقب على ما اجترحت يداه، لا على ما وجد من أصله، وفرعه. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: {وَبَشَّرْناهُ:} الواو: حرف عطف. (بشرناه): فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} لا محل لها مثلها. {بِإِسْحاقَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. {نَبِيًّا:} حال من (إسحاق)، وهي حال مقدرة. {مِنَ الصّالِحِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {نَبِيًّا،} أو بمحذوف حال من الضمير المستتر فيه، فتكون حالا متداخلة، أو بمحذوف حالا ثانية من: (إسحاق). {وَبارَكْنا:} الواو: حرف عطف. (باركنا): فعل، وفاعل.
{عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما مفعوله في المعنى. {وَعَلى إِسْحاقَ:} جار ومجرور معطوفان على ما قبلهما. والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.
{وَمِنْ:} الواو: حرف استئناف. (من ذريتهما): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {مُحْسِنٌ:}
مبتدأ مؤخر. (ظالم): معطوف على ما قبله. وفيه وفي سابقه ضمير مستتر هو فاعلهما.
{لِنَفْسِهِ:} جار ومجرور متعلقان ب: (ظالم)، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
{مُبِينٌ:} صفة: (ظالم). هذا؛ و {مُحْسِنٌ} و (ظالم) في الحقيقة صفتان لموصوفين محذوفين، التقدير: شخص محسن، وشخص ظالم لنفسه مبين، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
هذا؛ والحال بالنسبة للزمان على ثلاثة أقسام: حال مقارنة: وهي الغالبة، نحو قوله تعالى حكاية عن قول امرأة إبراهيم-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً} وحال مقدرة: وهي مستقبلة، نحو قوله تعالى: {فَادْخُلُوها خالِدِينَ} وما في الآية الكريمة منه، وحال محكية: وهي الماضية، نحو: جاء زيد أمس راكبا. وهناك الحال الموطئة لصفة بعدها؛ لأن المقصود الصفة، وهذا كثير في القرآن الكريم، خذ قوله تعالى: {وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ} وقوله تعالى: {إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا}.
تنبيه: إعراب الجملة الاسمية السابقة المتقدم إنما هو بحسب الظاهر، والأصح أن مضمون الجار والمجرور: (من ذريتهما) مبتدأ. و {مُحْسِنٌ} هو الخبر؛ لأن (من) الجارة دالة على التبعيض، التقدير: وبعض ذريتهما محسن، وبعض ذريتهما ظالم لنفسه، وتثنية الضمير يؤيد ذلك، ولا استبعاد في وقوع الظرف بتأويل معناه مبتدأ، يرشدك إلى ذلك قوله تعالى: {مِنْهُمُ}