واضحة على أن الله تعالى اتخذ الملائكة بنات له. {فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي: فائتوا بهذا الكتاب الذي يشهد بصحة دعواكم فيما تزعمون! ولا كتاب لهم، والغرض تعجيزهم، وبيان: أنهم لا يستندون في أقوالهم الباطلة على دليل شرعي، ولا منطق عقلي، وإنما هو هراء؛ لا قيمة له، ولا اعتبار. وفيه سخرية بهم، واستهزاء؛ لأن الله يعلم بأنهم لا كتاب لهم. هذا؛ ولا تنس:
الالتفات من الغيبة في الآيات السابقة إلى الخطاب في هذه الآيات.
أما:(ائتوا)، فهو أمر من: أتى، يأتي، والأمر بهمزتين: همزة الوصل؛ التي يتوصل بها إلى النطق بالساكن، والثانية هي فاء الفعل، ولا يجتمع همزتان، فإذا ابتدأت الكلام قلت: إيتوا بإبدال الثانية ياء لكسر ما قبلها، فإذا وصلت الكلام زالت العلة في الجمع بين همزتين، فتحذف همزة الوصل، وتعود الهمزة الأصلية، فتقول ائت، ومثل ذلك قل في إعلال: أذن يأذن، إءذن.
الإعراب:{ما:} اسم استفهام إنكاري توبيخي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
{لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {كَيْفَ:} اسم استفهام وتعجب مبني على الفتح في محل نصب حال، عامله ما بعده. {تَحْكُمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، لدلالة المقام عليه. هذا؛ وقال الجمل نقلا عن السمين: الجملتان استفهاميتان، ليس لإحداهما تعلق بالأخرى من حيث الإعراب، استفهم أولا عما استقر لهم، وثبت، استفهام إنكار، وثانيا استفهام تعجب من حكمهم بهذا الحكم الجائر، وهو أنهم نسبوا أخس الجنسين، وما يتطيرون به، ويتوارى أحدهم من قومه عند بشارته به إلى ربهم، وأحسن الجنسين إليهم. انتهى. {أَفَلا تَذَكَّرُونَ:} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} في الآية رقم [١٣٨].
{أَمْ:} حرف عطف. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {سُلْطانٌ:} مبتدأ مؤخر. {مُبِينٌ:} صفة له. والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها. وجملة:{أَفَلا تَذَكَّرُونَ} معترضة بين الجملتين المتعاطفتين. {فَأْتُوا:} الفاء: هي الفصيحة فيما أرى، ومن يجيز عطف الإنشاء على الخبر يعتبرها عاطفة، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، (ائتوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {بِكِتابِكُمْ:} متعلقان بما قبلهما، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة في الفاء. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه. {صادِقِينَ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، ومتعلقه محذوف، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، والجملة الشرطية مرتبطة بما قبلها، لا محل لها مثلها.