قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: فتنت الرجل. وأهل نجد، يقولون: أفتنته. انتهى. قرطبي.
هذا؛ والقرآن جاء بلغة أهل الحجاز، وهو كثير لا يعد، ولا يحصى، قال تعالى في سورة (البروج): {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ}. و (فاتنين): اسم فاعل من الثلاثي، و (صالي): اسم فاعل من: صلي فلان النار بالكسر يصلى صليّا، أي: احترق. وقال الجوهري: يقال: صليت الرجل نارا: إذا أدخلته النار، وجعلته يصلاها، فإن ألقيته فيها إلقاء، كأنك تريد الاحتراق؛ قلت:
أصليته بالألف، وصلّيته تصلية. ويقال أيضا: صلي بالأمر: إذا قاسى حره، وشدته. واصطليت بالنار، وتصليت بها؛ إذا استدفأت بها، وفلان لا يصطلى بناره: إذا كان شجاعا لا يطاق.
الإعراب:{فَإِنَّكُمْ:} الفاء: حرف استئناف. (إنكم): (إنّ): حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {وَما:} الواو: واو المعية. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول معه، والجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير: إنكم مع الذي، أو:
الذين تعبدونهم، وإن اعتبرت (ما) مصدرية، تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول معه، التقدير: فإنكم مع معبوديكم، وخبر (إنّ) محذوف لسد المفعول معه مسده، التقدير: فإنكم وآلهتكم قرناء لا تزالون تعبدونها، وعلى هذا يحسن السكوت على {تَعْبُدُونَ،} كما يحسن في قولك: كل رجل وضيعته، أي: مقترنان. هذا؛ وأجيز اعتبار (ما) معطوفة على اسم (إنّ)، وعليه فلا يحسن الوقف على {تَعْبُدُونَ،} وعلى هذا فيكون من أسلوب قول الوليد بن عقبة بن أبي معيط، الفاسق بن الفاسق يحض معاوية على حرب عليّ كرم الله وجهه:[الوافر]
فإنّك والكتاب إلى عليّ... كدابغة وقد حلم الأديم
أي: فإنك مع كتابتك إليه كدابغة حال حلم الأديم، فلا يمكن الانتفاع به، والحلم بالتحريك:
أن يفسد الإهاب في العمل، ويقع فيه دود فيتنقب، تقول منه: حلم الأديم بالكسر. {ما:} نافية حجازية تعمل عمل: «ليس»، أو هي مهملة تميمية. {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم {ما}. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {بِفاتِنِينَ:} الباء: حرف جر صلة، (فاتنين): خبر (ما) مجرور لفظا، منصوب محلا، أو هو خبر المبتدأ على إهمال {ما} مجرور لفظا مرفوع محلا، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها على الوجه الأول في {ما،} وفي محل رفع خبر (إنّ) وما عطف عليه على الوجه الثاني فيها، وهو عطفها على اسم (إنّ). {إِلاّ:} حرف حصر. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ل: (فاتنين)، وفاعله مستتر فيه. هذا؛ وإن اعتبرت المفعول محذوفا، فالموصول في محل نصب على الاستثناء، التقدير: ما أنتم عليه بفاتنين أحدا، إلا من... إلخ. {هُوَ:} مبتدأ. {صالِ:}
خبره مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، و {صالِ} مضاف، و {الْجَحِيمِ} مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية صلة الموصول، لا محل لها.