للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يحل منه بكثير طائل، وكان مثله كمثل من له لقحة درور، لا يحلبها، ومهرة نثور لا يستولدها. انتهى. هذا؛ وقد استدل بهذه الآية من يجيز التفسير بالرأي، والاجتهاد. قالوا:

والتدبر، والتذكر لا يكون إلا بالغوص عن أسرار القرآن، والاجتهاد في فهم معانيه، فهل يعقل أن يكون تأويل ما لم يستأثر الله بعلمه محظورا على العلماء مع أنه طريق العلم، وسبيل المعرفة؟. انتهى. علوم القرآن للصابوني.

هذا؛ و {أُولُوا} بمعنى: أصحاب، وهو جمع لا واحد له من لفظه، وإنما واحده: ذو المضاف، إن كان مرفوعا، و: ذا المضاف إن كان منصوبا، و: ذي المضاف إن كان مجرورا، والألباب: العقول، واحده: لبّ، وهو العقل الخالي من الهوى، سمي بذلك لأحد وجهين:

إما لبنائه من: لبّ بالمكان: أقام به، أو هو من اللباب، وهو الخالص من كل شيء. هذا؛ واللبيب: العاقل الفاهم، والجمع: ألباء، والأنثى: لبيبة وجمعها: لبيبات، ولبائب، واللب:

خالص كل شيء. هذا؛ والملاحظ: أنه لم يرد في القرآن الكريم منه صيغة المفرد، وإنما يستعمل مرادفها مكانها، وهو القلب، وذلك في نحو قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} رقم [٣٧] من سورة (ق)، وذلك؛ لأن لفظ الباء شديد مجتمع، ولا يفضي إلى هذه إلا من اللام الشديدة المسترخية، فلما لم تحسن اللفظة؛ أسقطها من نظمه ألبتة، وقد جمع: «لبّ» على: «ألبّ»، كما جمع: بؤس على: أبؤس، و: نعم على: أنعم. قال أبو طالب: [الرجز]

قلبي إليه مشرف الألبّ

وربما أظهروا التضعيف في ضرورة الشعر، قال الكميت: [الطويل]

إليكم ذوي آل النبيّ تطلّعت... نوازع من قلبي ظماء وألبب

الإعراب: {كِتابٌ:} خبر مبتدأ محذوف، التقدير: هذا كتاب. {أَنْزَلْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به. {إِلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان به، والجملة الفعلية في محل رفع صفة: {كِتابٌ}.

{مُبارَكٌ:} خبر ثان للمبتدأ المقدر، أو هو خبر لمبتدأ محذوف آخر، ولا يجوز أن يكون نعتا ثانيا ل‍: {كِتابٌ؛} لأنه لا يتقدم عند الجمهور غير الصريح على الصريح، ومن يرى ذلك استدل بظاهرها، وهو تعلق: {لِيَدَّبَّرُوا} ب‍: {أَنْزَلْناهُ،} وقرئ: «(مباركا)» بالنصب على الحال اللازمة؛ لأن البركة لا تفارقه. انتهى. جمل نقلا عن السمين. والجملة الاسمية: «هذا كتاب...» إلخ مستأنفة، لا محل لها. {لِيَدَّبَّرُوا:} فعل مضارع منصوب، ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان

<<  <  ج: ص:  >  >>