أشارت بطرف العين خيفة أهلها... إشارة محزون ولم تتكلّم
فأيقنت أن الطرف قد قال: مرحبا... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم
هذا؛ وفي المختار: الطرف: العين، ولا يجمع؛ لأنه في الأصل مصدر، فيكون واحدا جمعا، قال تعالى:{لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} من سورة (إبراهيم) رقم [٤٣]. {أَتْرابٌ:}
متساويات في السن، والشباب، بنات ثلاث وثلاثين سنة، واشتقاقه من التراب، فإنه يمسهن في وقت واحد. وقيل: متآخيات، لا يتباغضن، ولا يتغايرن، ولا يتحاسدن، ومثلهن أزواجهن في السن؛ لأن التحاب بين الأقران أثبت، قال تعالى في وصفهن، بسورة (الواقعة): {عُرُباً أَتْراباً} ومعناه: متحببات إلى أزواجهن، وهن مثلهم في سن واحدة. هذا؛ وأتراب جمع: ترب، بكسر التاء وسكون الراء، كحمل، وأحمال، وهو المساوي لك في العمر، قال الشاعر:[البسيط]
لولا توقّع معترّ فأرضيه... ما كنت أوثر أترابا على ترب
وهذا هو الشاهد رقم (١٣٩) من كتابنا: «فتح رب البرية». {هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ} أي: هذا الجزاء المذكور هو الذي وعدكم الله به أيها المؤمنون يوم القيامة لأجل الحساب، فعملتم به حتى فزتم بالنعيم المقيم، والخير العميم، وهو قوله تعالى:{إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ} أي: ما له انقطاع، بل هو دائم مستمر، كقوله تعالى في سورة (هود) رقم [١٠٨]: {عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي: غير مقطوع، وكقوله تعالى في كثير من الآيات:{لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أي:
غير مقطوع، وكقوله تعالى:{أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النّارُ} الآية رقم [٣٥] من سورة (الرعد)، والآيات في ذلك كثيرة.
وقال الصابوني: أي: هذا النعيم عطاؤنا لأهل الجنة، لا زوال له، ولا انقطاع، ولا انتهاء أبدا، قال في الظلال: يبدأ هذا المشهد بمنظرين متقابلين تمام التقابل في المجموع والأجزاء، وفي السمات، والهيئات، منظر المتقين لهم حسن ماب، ومنظر الطاغين لهم شر ماب، فأما الأولون فلهم جنات عدن مفتحة لهم الأبواب، ولهم فيها راحة الاتكاء، ومتعة الطعام والشراب، ولهم كذلك متعة الحوريات الشواب؛ وهن في شبابهن قاصرات الطّرف، لا يتطلعن، ولا يمددن بأبصارهن، وكلّهنّ شوابّ أتراب، وهو متاع دائم، ورزق من عند الله ما له من نفاد. انتهى.
الإعراب:{وَعِنْدَهُمْ:} الواو: حرف عطف. (عندهم): ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {قاصِراتُ:} مبتدأ مؤخر، وهو صفة لموصوف محذوف، التقدير: وعندهم حور، أو: نساء قاصرات، و {قاصِراتُ} مضاف، و {الطَّرْفِ} مضاف إليه، من إضافة الصفة المشبهة لفاعلها، أو من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَتْرابٌ:}