للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في: {إِنَّما} موصولة، لا كافة، فيرجع الضمير إليها؛ أي: إن الذي، أوتيته على علم.

{بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ:} إنكار لذلك الإنسان، ورد عليه، كأنه قال: ما خولناك من النعمة لما تقول؛ {بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} أي: ابتلاء، واختبار، وامتحان لك: أتشكر أيها الإنسان، أم تكفر؟ ولما كان الخبر مؤنثا، أعني: {فِتْنَةٌ} ساغ تأنيث المبتدأ لأجله، وقرئ: «(بل هو فتنة)» على وفق {إِنَّما أُوتِيتُهُ}. {وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ:} أنها فتنة. وانظر الآية رقم [٢٩]. هذا؛ ومعنى هذه الآية تكرر كثيرا في كتاب الله.

هذا؛ والسبب في عطف هذه الآية بالفاء، وعطف مثلها في أول السورة رقم [٨] بالواو: أن هذه وقعت مسببة عن قوله تعالى: {وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ} رقم [٤٥] على معنى: أنهم يشمئزون من ذكر الله، ويستبشرون بذكر الآلهة، وإذا مس أحدهم ضرّ دعا من اشمأز بذكره، دون من استبشر بذكره وما بينهما من الآي اعتراض.

فإن قلت: حق الاعتراض أن يؤكد المعترض بينه وبينه؛ قلت: ما في الاعتراض من دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم ربه بأمر الله، وقوله: {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ} ثم ما عقبه من الوعيد العظيم تأكيد لإنكار اشمئزازهم، واستبشارهم، ورجوعهم إلى الله في الشدائد دون آلهتهم، كأنه قيل: قل: يا رب! لا يحكم بيني وبين هؤلاء الذين يجترئون عليك مثل هذه الجراءة إلا أنت. وقوله: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} متناول لهم، ولكل ظالم؛ إن جعل عاما، أو إياهم خاصة؛ إن عنيتهم به، كأنه قيل: ولو أن لهؤلاء الظالمين ما في الأرض جميعا، ومثله معه؛ لافتدوا به حين حكم عليهم بسوء العذاب.

وأما الآية الأولى فلم تقع مسببة، وما هي إلا جملة ناسبت جملة قبلها، فعطفت عليها بالواو، نحو قام زيد، وقعد عمرو، وبيان وقوعها مسببة أنك تقول: زيد يؤمن بالله فإذا مسه ضر التجأ إليه، فهذا تسبب ظاهر، ثم تقول: زيد كافر بالله، فإذا مسه ضر التجأ إليه، فتجيء بالفاء مجيئك بها ثمة كأن الكافر حين التجأ إلى الله التجأ المؤمن إليه، مقيما كفره مقام الإيمان في جعله سببا في الالتجاء. انتهى. نسفي بتصرف.

الإعراب: {فَإِذا:} الفاء: حرف عطف. (إذا): انظر الآية رقم [٤٥]. والجملة الفعلية:

{مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ} في محل جر بإضافة (إذا) إليها. {دَعانا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى: {الْإِنْسانَ} تقديره: «هو»، (نا): مفعول به، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها معطوف على مثله في الآية رقم [٨] وانظر الشرح لتوضيح ذلك. {ثُمَّ:} حرف عطف. {فَإِذا:} مثل سابقتها. {خَوَّلْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول. {نِعْمَةً:} مفعول به ثان. {مِنّا:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {نِعْمَةً،} أو بمحذوف صفة لها، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {فَإِذا} إليها. {قالَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {الْإِنْسانَ}. {إِنَّما:} كافة ومكفوفة. {أُوتِيتُهُ:} فعل ماض مبني للمجهول

<<  <  ج: ص:  >  >>