{يُلْقِي الرُّوحَ:} الوحي، والنبوة، وسمي ذلك روحا؛ لأن الناس يحيون بها؛ أي: يحيون من موت الكفر، كما تحيا الأبدان بالأرواح. وقال ابن زيد:{الرُّوحَ} القرآن، قال تعالى:
{وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا}. وعلى هذين الوجهين في الكلام استعارة تصريحية، وهو ما أفاده كلام الزمخشري. وقيل:{الرُّوحَ} جبريل عليه السّلام، قال تعالى في سورة (الشعراء):
{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ}. {مِنْ أَمْرِهِ:} بأمره وقضائه. {عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ:} وهم الأنبياء، يشاء هو أن يكونوا أنبياء، وليس لأحد فيهم مشيئة، قال تعالى في سورة (آل عمران) رقم [٧٤]: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
{لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ:} لينذر الله، أو الملقى عليه الوحي، وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويدل عليه قراءة:
«(لتنذر)»، و {يَوْمَ التَّلاقِ} هو يوم القيامة، يلتقي فيه الخلق، والخالق، والعابد، والمعبود، والظالم، والمظلوم. وقيل: يلتقي فيه الأولون والآخرون في صعيد واحد، وكله صحيح المعنى.
الإعراب:{رَفِيعُ:} خبر ثان للمبتدأ المذكور في الآية رقم [١٣]، أو خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هو رفيع. وقرئ بالنصب على الحال، أو على المدح بفعل محذوف، و {رَفِيعُ} مضاف، و {الدَّرَجاتِ} مضاف إليه، من إضافة الصفة المشبهة لفاعلها، أو من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {ذُو:} يجوز فيه ما جاز ب: {رَفِيعُ} من أوجه، فهو مرفوع، أو منصوب، وعلى الرفع الواو، وعلامة النصب الألف؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و {ذُو} مضاف، و {الْعَرْشِ} مضاف إليه. {يُلْقِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى (الله) تقديره: «هو»، والجملة الفعلية يجوز فيها ما جاز ب:{رَفِيعُ}. هذا؛ وأرى جواز اعتبارها حالا من:{ذُو الْعَرْشِ،} وعليه يكون الفاعل عائدا إليه، وهو الرابط. {الرُّوحَ:} مفعول به. {مِنْ أَمْرِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من:{الرُّوحَ،} على اعتبار «أل» للتعريف، أو بمحذوف صفة له على اعتبارها للجنس، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {عَلى مَنْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة {مِنْ،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: على الذي، أو: على شخص يشاؤه. {مِنْ عِبادِهِ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب المحذوف، و {مِنْ} بيان لما أبهم في {مِنْ،} والهاء في محل جر بالإضافة.
{لِيُنْذِرَ:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى (الله)، أو إلى الموحى إليه، والمفعول الأول محذوف، التقدير: لينذر الناس. {يَوْمَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {التَّلاقِ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء المحذوفة للتخفيف، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل:{يُلْقِي} أيضا.