للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعندئذ يقول بعضهم لبعض: دعونا من الخلق، تعالوا ندع ربنا، فلا أحد أكرم من ربنا! يقولون: {رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ} فالجواب يكون بما يلي: {قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ} الآيات من سورة (المؤمنون) رقم [١٠٧ و ١٠٨ و ١٠٩] وانظر ما أذكره في سورة (الزخرف) رقم [٧٧] وخذ ما يلي:

فعن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يلقى على أهل النار الجوع؛ حتى يعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون منه، فيغاثون بالضريع؛ الذي لا يسمن، ولا يغني من جوع، فيأكلونه لا يغني عنهم شيئا، فيستغيثون، فيغاثون بطعام ذي غصة، فيغصّون به، فيذكرون:

أنهم كانوا في الدنيا يجيزون الغصص بالماء، فيستغيثون بالشراب، فيرفع لهم الحميم بالكلاليب، فإذا دنا من وجوههم شواها، فإذا وقع في بطونهم قطع أمعاءهم، وما في بطونهم، فيستغيثون بالملائكة يقولون: {اُدْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ...»}. إلخ أخرجه الترمذي، وغيره. انتهى. قرطبي.

أقول: وكله مأخوذ من الآيات القرآنية، قال تعالى في سورة (الغاشية): {لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ،} وقال تعالى في سورة (المزمل): {إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً،} وقال في سورة (محمد) صلّى الله عليه وسلّم الآية رقم [٥١]: {وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ،} وقال تعالى في سورة (الكهف) رقم [٢٩]: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ}.

الإعراب: {قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {أَوَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام توبيخي. الواو: عاطفة على محذوف. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {تَكُ:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب‍: (لم) وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف، كما رأيت في الآية رقم [٢٨]. {تَأْتِيكُمْ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والكاف مفعول به. {رُسُلُكُمْ:} تنازعه الفعلان قبله: {تَكُ} يطلبه اسما له، و {تَأْتِيكُمْ} يطلبه فاعلا له. انظر تفصيل ذلك وشرحه في الآية رقم [٢٢]، والكاف في محل جر بالإضافة.

{بِالْبَيِّناتِ:} متعلقان بالفعل {تَأْتِيكُمْ،} والجملة الفعلية في محل نصب خبر: {تَكُ،} والجملة الفعلية معطوفة على جملة مقدرة قبلها، التقدير: ألم تنتهوا، ولم تك تأتيكم... إلخ، والكلام كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {بَلى:} حرف جواب في محل نصب مقول القول، وهو قائم مقام كلام كثير. والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {قالُوا:} ماض، وفاعله. {فَادْعُوا:} الفاء: زائدة، أو هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير:

وإذا كان ذلك حصل؛ فادعوا، والكلام كله في محل نصب مقول القول، وإنما كانت الجمل الثلاث مستأنفة؛ لأن كل واحدة منهن بمنزلة جواب لسؤال مقدر. {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {دُعاءُ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {الْكافِرِينَ:} مضاف إليه، من إضافة

<<  <  ج: ص:  >  >>