{إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ:} لم يقل: المفضّل، أو المتفضّل؛ لأن المراد: تنكير الفضل، وأن يجعل فضلا، لا يوازيه فضل، وذلك إنما يكون بالإضافة. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ:} لم يقل: ولكن أكثرهم؛ حتى يتكرر ذكر الناس؛ لأن في هذا التكرير تخصيصا لكفران النعمة بهم، وأنهم هم الذين يكافرون فضل الله، ولا يشكرونه، كقوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ،} وقوله جل شأنه: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ} وانظر شرح (الناس) في الآية رقم [٢٧] من سورة (الزمر). هذا؛ والفضل، والفاضلة، والإفضال، وجمعهما: فضول وفواضل.
هذا؛ والفعل: شكر، يشكر يتعدى بنفسه، وبحرف الجر. تقول: شكرت الله، وشكرت له، كما تقول: نصحت زيدا، ونصحت له، وقوله تعالى:{وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ} مثل قوله تعالى في سورة (سبأ) رقم [١٣]: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ}. والشكر: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله. ومن أسماء الله تعالى: الشكور، ومعناه: هو الذي يجازي على يسير الطاعات كثير الدرجات، ويعطي بالعمل في أيام معدودة نعما في الآخرة غير محدودة.
الإعراب:{اللهُ:} مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره.
{جَعَلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد. {لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {اللَّيْلَ:} مفعول به. {لِتَسْكُنُوا:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {جَعَلَ،} أو هما متعلقان ب: «مظلما» الذي رأيت تقديره في الشرح. {فِيهِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما. {وَالنَّهارَ:} معطوف على {اللَّيْلَ}. {مُبْصِراً:} معطوف على «مظلما» الذي رأيت تقديره، ومتعلقه محذوف، وهذا يفيد: أن مظلما و {مُبْصِراً} مفعول ثان، أو هما حال من الليل، والنهار. وجملة:{جَعَلَ لَكُمُ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية:{اللهُ الَّذِي..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهُ:} اسمها. {لَذُو:} اللام: هي المزحلقة. (ذو):
خبر {إِنَّ} مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و (ذو) مضاف، و {فَضْلٍ} مضاف إليه. {عَلَى النّاسِ:} متعلقان ب: {فَضْلٍ؛} لأنه مصدر، أو بمحذوف صفة له، والجملة الاسمية:{إِنَّ اللهَ..}. إلخ تعليل لما قبلها، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين، والجملة الاسمية:{وَلكِنَّ أَكْثَرَ..}. إلخ معطوفة عليها، لا محل لها مثلها، وانظر إعراب مثلها في الآية رقم [٥٩]. هذا؛ والجملة الاسمية:{إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ..}. إلخ مذكورة في كثير من السور بحروفها.