للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمخشري: لم يخلق الله حيوانا أحسن صورة من الإنسان. انتهى. وصدق الله إذ يقول في سورة (التين): {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ} أي: من أنواع اللذائذ، والمستلذات، والمشتهيات من الماكل، والمشارب والملابس. والطيبات: ما يستلذ من المباحات. وقيل: الحلال الصافي القوام، فالحلال: ما لا يعصى الله فيه، والصافي:

ما لا ينسى الله فيه، والقوام: ما يمسك النفس، ويحفظ العقل.

{ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ} أي: ذلكم ربكم الذي فضلكم على كثير من المخلوقات، وميزكم عليهم، وأكرمكم بأشياء كثيرة. {فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ} أي: تنزه الله عن كل ما لا يليق به. وقال الخازن: تمجد، وتعظم، وارتفع. وفي سورة (الفرقان): تكاثر خيره من البركة، وهي كثرة الخير وزيادته، أو تزايد عن كل شيء، وتعالى عنه في صفاته، وأفعاله، وهي كلمة تقديس وتعظيم، لم تستعمل إلا لله وحده، وهو ملازم للماضي، لا يأتي منه مضارع، ولا أمر، قال الطّرمّاح: [الطويل]

تباركت لا معط لشيء منعته... وليس لما أعطيت يا ربّ مانع

هذا؛ ونقل الجمل عن الخطيب في شرح الآية ما يلي: لما كانت دلائل وجوده تعالى، إما أن تكون من الآفاق، وهي أقسام، وذكر منها أحوال الليل، والنهار، كما تقدم؛ بين منها أيضا هنا الأرض، والسماء، فقال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً..}. إلخ مع كونها في غاية الثقل، ولا ممسك لها سوى قدرة الله، والسماء على علوها وسعتها مع كونها أفلاكا دائرة بنجوم طول الزمان سائرة ينشأ عنها الليل، والنهار، والإظلام، والإضاءة. ثم ذكر دلائل النفوس، وهي دلائل أحوال البدن على وجود الصانع القادر الحكيم، فقال: {وَصَوَّرَكُمْ..}. إلخ. انتهى.

الإعراب: {اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً:} الإعراب مثل الآية رقم [٦١] بلا فارق. {وَصَوَّرَكُمْ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي،} والكاف مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها مثلها، وجملة: {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} معطوفة عليها أيضا. {وَرَزَقَكُمْ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي،} والكاف مفعول به.

{مِنَ الطَّيِّباتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها أيضا، والجملة الاسمية: {اللهُ الَّذِي..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ} انظر الآية رقم [٦٢]. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. (تبارك): فعل ماض. {اللهُ:} فاعله. {رَبُّ:} صفة، أو بدل من لفظ الجلالة، و {رَبُّ} مضاف، و {الْعالَمِينَ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>